15 سبتمبر 2025

تسجيل

الشراكات الخليجية في "الحزام والطريق"

22 يوليو 2018

  في البيان الختامي الذي صدر بعد ختام زيارة سمو أمير الكويت إلى الصين، أعربت الكويت عن ترحيبها ودعمها للمبادرة الصينية بشأن المشاركة في مشاريع بناء «الحزام والطريق» بشكل نشط. كما أعربت كل من الصين والكويت عن رغبتهما في مواءمة مبادرة المشاركة في بناء «الحزام والطريق» و«رؤية الكويت 2035» من خلال وضع منهج لتخطيط التعاون الثنائي بشكل مشترك مع اتخاذ مشروع «مدينة الحرير والجزر الكويتية» كإطار مهم لهذه المواءمة. وخلال شهر مايو الماضي، أصدرت كل من سلطنة عمان والصين بيانا مشتركا أعربت السلطنة عن ترحيبها بمبادرة "الحزام والطريق" ودعمها لها وحرصها أن تكون السلطنة "شريك التعاون في بناء الحزام والطريق" ومناقشة وتوقيع الوثائق الخاصة بذلك. وفي هذا الإطار تشكل المدينة الصناعية الصينية التي تقام في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم التي تقدر استثماراتها بنحو عشرة مليارات دولار نموذجا لذلك التعاون وهو على جانب كبير من الأهمية بالنظر إلى تنوع المشروعات التي سوف تقام في هذه المدينة. وكلا الإعلانين يؤشران بشكل واضح رغبة العديد من دول التعاون في إقامة شراكات اقتصادية أوسع وأشمل مع الصين، حيث شهدت الدوحة قبل ذلك وخلال شهر مارس الماضي لقاء الأعمال الصيني القطري الذي ذهب إلى نفس مفهوم مواءمة رؤية الدوحة 2030 مع مبادرة الحزام والطريق. وهذه المبادرة التي أطلقها الرئيس الصيني شي جينبينغ عام 2013 باتت تشكِّل المحرك الأساس للسياسة الصينية داخليًّا وللدبلوماسية الصينية خارجيًّا. وأدرجت رسميًّا عام 2014 ضمن خطة أعمال الحكومة. وتهدف المبادرة إلى محاولة إحياء طريقي الحرير البحري (الحزام) والبري (الطريق) اللذين كانا يربطان الصين بالعالم قبل ثلاثة آلاف عام، ويتم من خلالهما تبادل السلع والمنتجات كالحرير والعطور والبخور والتوابل والعاج والأحجار الكريمة وغيرها، وكذلك تبادل الثقافات والعلوم. وتتضمن المبادرة نحو ألف مشروع ستنفذ تدريجيًّا، تسعى إلى ربط دول آسيا وإفريقيا وأوروبا عبر شبكة مواصلات معقدة من الجسور والطرقات والسكك الحديدية والطائرات والبواخر، وكذلك بناء موانئ ومطارات وإنشاء مناطق تجارة حرة. إلى جانب أنابيب النفط والغاز وخطوط الطاقة الكهربائية وشبكات الإنترنت والبنية التحتية. وقد لاقت المبادرة تجاوبًا ومشاركة نشطة من نحو سبعين دولة مطلة على هذا الخط. ويغطي نطاق المبادرة نحو 70 دولة في القارات الثلاث آسيا وإفريقيا وأوروبا. ولا شك أن الدول العربية تحظى بأهمية كبيرة في هذه المبادرة، باعتبارها أحد أهم مصادر الطاقة بالنسبة إلى الصين، أو واحدًا من الأسواق الاستهلاكية الهامة للبضائع الصينية وكذلك للاستثمارات، بالإضافة إلى موقعها الاستراتيجي كجسرعلى طريق المبادرة يوصلها إلى منتهاها في أوروبا. وسيكون من نافلة الحديث التطرق إلى المكاسب الإستراتيجية التي تحققها الصين من هذه المبادرة فهذا حق طبيعي لبلد ضخم مترامي الأطراف يرى أن مستقبله لا يقوم إلا على فتح أبواب العالم أمامه للتمدد دون حدود. والجانب المرحب به في المبادرة أنها تقوم على منهج تشاركي وتبادلي للمصالح بين الدول. لكن ما يهمنا هنا هو التركيز على مصالح دول التعاون من هذه الشراكات. فقد كانت خطوات سليمة أن تسعى لمواءمتها مع رؤاها الاقتصادية الإستراتيجية لكي تساهم في تنفيذ هذه الرؤى. لكننا نعتقد بذات الوقت أهمية أن تسعى أيضا لمواءمتها في إطار التكامل الاقتصادي الخليجي المستقبلي التي يطمح له كافة أبناء دول التعاون. لذلك، قد يكون إدراج هذه المبادرة ضمن بنود مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة الخليجية الصينية هو خطوة في الاتجاه المطلوب والصحيح.