11 سبتمبر 2025

تسجيل

إصلاح نفسي

22 يونيو 2023

عندما يتعرض الجسد لجرحٍ أو كدمةٍ يُسارع المصاب إلى علاج الحالة ويسعى لتفاديها مستقبلاً، وكما يقال فإنه يمكنك أن تتعافى جسدياً لكن ندوب الروح لا تلتئم فالندوب في الجسد هي جزءٌ من عملية الالتئام، اما ندوب الروح هي الجرحُ بذاته فعندما يتعرض الإنسان لموقفٍ يثير القلق أو الاكتئاب فإنه يفتقر إلى روح المبادرة التي أبداها في حالة الكدمات الجسدية والأدهى والأمرّ أنه يجتّر تلك الحادثة في خلواته حتى تُثخن مقاومته النفسية فيصبح على شفا حفرةٍ من السقوط في دوامة الاكتئاب والانعزال مولدّةً لديه ضغطاً نفسياً. لا شك اننا نعلم علمَ اليقين ان اجسامنا مصممةٌ لمواجهة التوتر بأساليب تهدف لحمايتنا من تهديدات الحيوانات المفترسة حين نتعرض للاعتداء، بينما ألم النفس والذي لا يصدر آهات فإنه يوجع الروح ويصل ليوهن الجسد وقد لا تظهر ملامحه في الوجوه، ولا يوم عطلة مرَضية له والأدهى من ذلك ان من يصاب به يرتدي فوقه قناعاً يومياً لينخرط في المجتمع كشخصٍ معافى نفسياً وجسدياً!! ما اصعب التخيّل صديقي القارئ، فصحيح ٌأنه قد لا يكون في مقدورنا رؤية ندوب الروح الناتجة غالباً عن الفقد والخذلان والانكسار النفسي او الإيذاء الجسدي لأنها بالفعل غير مرئية ولكن علينا أن ندرك أنها موجودة وقاتلة، ففي الواقع لسنا بخير حين تُرسل لنا ارواحنا هذه الرسائل المليئة بالتعب وعندها يجب الإقرار بها وقراءتها، والتوجّه إلى المعالج النفسي ليساعدنا على فهم ماذا بنا. إن ردات فعل الناس متشابهة إزاء الحدث الواحد، فقد نجد ان أحدهم يلوذُ بالانكفاء المؤدي إلى الاكتئاب نجد آخرين يأخذ منهم الإحباط مأخذه فيتجهون إلى سلبية مُفرِطة وعدم مبالاة بالمجتمع والعمل وربما الأسرة وفي المقابل هناك من قد تحيله الكدمات النفسية إلى شخص عدائي ثائر بلا هدف ناقم على كل شيء تسهل استثارته ويصعب إرضاؤه وقلةٌ من تُحوله لشخصيةٍ ناجحةٍ قويةٍ ومستقلةٍ وذات فكرٍ ناضج. حقيقةً لا أحد يعرف تفاصيل الجراحة التي أجرتها الحياة لتستأصل من احدنا الإحساس بلذتها او نعمةِ ما لدينا لكن لحظة الكسر نفسها شيءٌ ضبابي للغاية وكأّن ذلك الكسر في ارواحنا يصعب ان نجد طريقةً تساعد على جبره، ولأن النفس هي محور الإصلاح الكوني فلا يختلف اثنان على أنه لا وجود لإنسان بالعالم في غنى عن إصلاح نفسه وتطويرها وإن فشلت أغلب خططنا التي نعدها لإصلاح ذواتنا وتطويرها فذلك يقتضي منا إعادة النظر في الفلسفة التي تُصاغ بها خططنا تلك ولابد من الاعتراف ان تمنّي التغيير او الحلم به شيء والسعي له بجد وحزم شيء آخر، والأهم ان تدعو لنفسك بالصلاح ولتنظر لقصص الناجين من ويلات الحياة بشخوصها وتكافئ نفسك بتحفيزها للخيرات وقبل ذلك اعلم أن لنا في اللهِ ظَنّاً لا يَخيب. أخيراً: لا شيء يُعادل ألمَ كدمةٍ نفسيةٍ بسبب أرواحٍ تنكّرت لقلبٍ ظن خيراً،، ولم يعلم أن بعض الظن إثم،، حاول هنا ألا تصل للهشاشة النفسية.