10 سبتمبر 2025
تسجيلرؤية متكاملة للأمن الاقتصادي والاستقرار العالمي بهذه الضوابط تتحقق المساواة في التعافي الاقتصادي العالمي انتهاج مقاربة تترجم الأقوال والنوايا الحسنة إلى خطوات عملية قطر مؤهلة أكثر من غيرها للمساعدة في قيادة العالم نحو الأفضل المنتدى الاقتصادي منبر عالمي لمواجهة التحديات الاقتصادية يجسد الخطاب الذي تفضل حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، بإلقائه في افتتاح منتدى قطر الاقتصادي 2022 بالتعاون مع بلومبيرغ، رؤية متكاملة لتحقيق الأمن الاقتصادي المنشود، والاستقرار العالمي الذي يستحيل تحققه في غياب شروطه الموضوعية وظروفه المواتية من حيث التكامل والتعاون في مواجهة التحديات والأخطار المحدقة، وتقاسم المسؤوليات التاريخية لأداء الواجب نحو الإرث الانساني المشترك، الذي يرتبط به مصير مختلف الأمم والشعوب على هذه المعمورة. لقد قام سموه - حفظه الله - بتشخيص الوضع الاقتصادي الكارثي الذي يهدد الجميع بركود تضخمي لم يشهد العالم مثله منذ الفترة الواقعة بين عامي 1976 و1979، وفق تقارير البنك الدولي، حين أدت الزيادات الحادة في أسعار الفائدة لغرض مكافحة التضخم إلى ركود اقتصادي في بداية الثمانينيات، مشيراً إلى أن ثمة قضايا لا يوجد حل اقتصادي لها، ومنها الحرب وآثارها المدمرة على أوكرانيا وعلى دول وشعوب كثيرة أخرى، حيث يرى سموه، أن الحل في هذه الحالة لا يمكن أن يكون سوى سياسي. في ذات السياق نوه سمو الأمير إلى أن نجاح العالم في تجاوز هذه التحديات يبقى رهين قدرة دولنا كافة على الالتزام بمجموعة من المبادئ، وأولها تكريس العدل والمساواة والتضامن ورفض ازدواجية المعايير، كما شدد سموه على عدم القبول بترك أزمة الغذاء في ظروف الحرب لقانون العرض والطلب، كما لا يجوز ترك قضية الفقر الشديد للدول الفقيرة كي تواجهها وحدها. ولا يخفى علينا جميعا أن أخطر ما يواجه العالم اليوم هو الدوس على هذه القيم بآلة الحرب الطاحنة، والتلويح بالقوة العسكرية المتعاظمة، في حين تضرب أسعار الغذاء في عنان السماء، وتتهدد مختلف دول العالم بأزمة غذائية واقتصادية غير مسبوقة، والخوف كل الخوف أن تستعجل هذه العقليات التي لا تفكر أبعد من حدود مصالحها في التعجيل بالحرب الاستراتيجية التي كانت منتظرة منذ فترة، وهي حرب الغذاء والمياه. خطاب حضرة صاحب السمو، جاء شاملاً ومتكاملاً، برؤية تستنطق الواقع وتتطلع إلى المستقبل، رؤية تقدم للعالم ما يمكن أن يكون في ظل البحث عن «تحقيق المساواة في التعافي الاقتصادي العالمي»، وذلك بقدر ما هو ممكن ومتاح، وما هو مطلوب في هذا المنتدى من طرح عقلاني ومسؤول لإثراء الحوار حول القضايا الاستراتيجية التي تتصدر أولويات الاقتصاد العالمي، خاصة بعد أن ارتفعت المؤشرات الإيجابية الصحية إثر رفع القيود وانتعاش حركة التجارة وارتفاع الإنفاق العام وزيادة الطلب العالمي على جميع المستويات. هذا الطرح الإثرائي المطلوب والمنتظر في هذا المنتدى الاستراتيحي يحتاج إلى تشخيص علمي وواقعي في نفس الوقت، وهو ما تفضل سمو الأمير بتقديمه للعالم أجمع من خلال كلمته المكتملة، حيث أوضح سموه أن الاضطراب الذي طرأ على سلاسل التوريد ما زال من أهم عوامل ارتفاع الأسعار، وقد أضيفت إليه الآثار المدمرة للحرب الجارية حالياً في القارة الأوروبية على أرض أوكرانيا، كما كشفت الجائحة عن حجم الفجوة بين الدول الغنية والفقيرة وأسهمت في توسيعها، ولا سيما من خلال تعثر الجهود الرامية إلى تحقيق التنمية والحد من الفقر، وهنا يقدم سموه الخطوط العريضة لمعالجة هذا الواقع، حيث أكد أنه على المجتمع الدولي انتهاج مقاربة تترجم الأقوال والنوايا الحسنة إلى خطوات عملية تحقق المساواة في التعافي الاقتصادي بين الدول وإنقاذ أهداف التنمية المستدامة بما يدعم الشعوب الفقيرة وتلك التي تعاني من اضطرابات وحروب. وأضاف سموه أن دعم الاقتصاد والاستثمار والابتكار بالتوازي مع تعزيز القيم الإنسانية المشتركة وحفظ السلام، هو السبيل لبناء القدرات اللازمة لتجاوز الأزمات والتغلب على التحديات التي تواجه الإنسانية جمعاء مثل خطر الأوبئة والتغير المناخي الذي يعد واحداً من أخطر التحديات التي نشهدها في عصرنا. ولتقديم النموذج المسؤول لقيادة دفة العالم نحو الأفضل، أشار سمو الأمير إلى ما تضطلع به دولة قطرمن مسؤوليات كشريك فاعل في المجتمع الدولي لمواجهة الأزمات، وفي مقدمتها التغير المناخي في مختلف أبعاده الاقتصادية والبيئية والاجتماعية. حيث كانت قطر من الدول السباقة والرائدة على المستوى العالمي لتأسيس «منتدى الحياد الصفري للمنتجين»، والذي يعد مبادرة دولية تهدف لترسيخ المبادئ التي بنيت عليها اتفاقية باريس للتغير المناخي لا سيما في مجال تطوير استراتيجيات عملية للوصول بالانبعاثات الكربونية إلى الحياد الصفري، وتعزيز نهج الاقتصاد الدائري، وتطوير تقنيات الطاقة. لقد لفتت كلمة سمو الأمير، أنظار الخبراء والباحثين وصناع القرار، فقد نوه سعادة الشيخ نواف سعود الصباح، الرئيس التنفيذي ونائب رئيس مجلس إدارة مؤسسة البترول الكويتية، بمضامين كلمة صاحب السمو، قائلاً إن المحاور التي تطرقت إليها كلمة سمو الأمير، جاءت في التوقيت المناسب على غرار تلك المتعلقة بالمخاطر التي تواجه التجارة العالمية، والأمن الغذائي، وتضخم الأسعار وما رافق ذلك من قرارات لرفع أسعار الفائدة للحد من تبعات هذا الأمر. من جهته أكد آندي تريفور، الباحث بشؤون الشرق الأوسط بالمركز التقدمي الأمريكي الجديد، والأكاديمي المتخصص في ملف العلاقات الإقليمية، في حديث خاص لـ الشرق أن خطاب سمو الأمير، أوضح الكثير من المعايير المهمة والإستراتيجية بما في ذلك ضرورة المرونة الاقتصادية لمواجهة التحديات، حيث إن الخطاب يجسد نهجاً إنسانياً للتعامل مع التحديات الاقتصادية الدولية، لافتاً إلى أن خطاب صاحب السمو، حذَّر من واقع اقتصاد الحرب وتبعاتها الكارثية التي لا يعبأ العالم بمخاطرها اليوم، مشيراً إلى أن المنتدى فرصة لاستعراض التجربة القطرية، وخططها المستقبلية التي حدد معالمها حضرة صاحب السمو، وفي ضوء ما تملكه دولة قطر من أدوات اقتصادية ودبلوماسية متميزة، تجعلها في مكانة مهمة أكثر من غيرها للمساعدة في قيادة العالم نحو الأفضل، بما في ذلك العمل على إيجاد اقتصاد عالمي متعدد الأطراف. لعل ما يميز هذا المنتدى أنه جاء بالتعاون مع بلومبيرغ، ليوفر منصة عالمية تناقش بحديث الخبراء والعارفين كافة تحديات العالم الاقتصادية في ظل الكثير من الصعوبات الماثلة أمام صناع القرار. وجميعها تحديات تتطلب رؤى مشتركة وتعاوناً دولياً ووقفة متأنية من صناع القرار، حتى يتمكن العالم من تخطي هذه الصعوبات وإنقاذ البشرية جمعاء من المخاطر الناجمة عنها، وأبرز هذه التحديات مشكلة الركود العالمي الذي أعلنت عنه الإدارة الأمريكية أمس، وهو إعلان له ما بعده على اقتصاديات العديد من الدول، خاصة تلك التي لا تملك القدرة على وضع الحلول العاجلة لمشاكلها الاقتصادية المتراكمة. إن نجاح دولة قطر في تنظيم هذا المنتدى، ومستوى الحضور العالمي، والإعلامي الذي سينقل رسائله إلى مختلف بقاع الأرض، يؤكد الدور القطري الرائد في قيادة العالم نحو مستقبل أفضل، وقد أجمع المشاركون على أهمية هذا المنتدى باعتباره منصة مهمة، يناقش عبرها صناع القرار في العالم موضوعات وقضايا عالمية على درجة كبيرة من الأهمية، من بينها تحقيق المساواة في التعافي الاقتصادي العالمي على المدى الطويل، ومستقبل الأسواق العالمية وآفاق العولمة، وسبل دعم سلاسل التوريد العالمية، والتحولات التي يشهدها قطاع الطاقة والاقتصاد الأخضر، وآليات الحد من الانبعاثات الكربونية. وهو ما يؤكد أهمية الأخذ بنتائج هذا المنتدى ونقاشاته وما سيتم تداوله خلاله من أفكار ورؤى، وفي مقدمة ذلك الكلمة المهمة لحضرة صاحب السمو، للمساعدة في صياغة نظام جديد لعالم أكثر أماناً اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً. [email protected]