31 أكتوبر 2025

تسجيل

شهر الخير .. لا الإسراف

22 يونيو 2015

ها قد هلّ علينا الشهر الفضيل، الشهر الذي ننتظره طوال العام، وندعو الله تعالى أن يبلغنا صيامه وقيامه، وقد هلّ علينا هذا العام وفيه من افتقدناه وهواه التراب وفيه من يرقد على سرير المرض عاجزاً عن الصيام والقيام، وهناك من ألهته الدنيا فأغمس في شهواته ونسي أن هذا الشهر فرصة للتوبة ولإعادة برمجة النفس وتهذيبها والحاجة إلى مغفرة من الله سبحانه وتعالى، ونحمده تعالى أن يسر لنا صيام هذا الشهر، وللأسف لقد تغيرت نظرتنا له، ودخلت علينا الكثير من البدع والمظاهر اللاهية التي تعمل على زيادة الإسراف والبذخ، فلا يكفينا بذخ الأعراس وحفلات الميلاد ومناسبات الولادة والوفاة من الصرف والإنفاق غير الرشيد، نأتي إلى هذا الشهر الذي لابد أن نحفل به بالتقرب إلى الله تعالى وطلب العفو والمغفرة منه من الذنوب التي طالتنا طوال العام، ونستعد لأن نغسل نفوسنا ونطهر ألسنتنا وقلوبنا من كل ما تلوثت به من الحقد والحسد والغيبة والنميمة والخوض في أعراض الناس.لقد أعطانا الله تعالى هذا الشهر فرصة عظيمة لابد من استثمارها بأفضل الطرق لا أن نجهز له بأفضل الملابس على عدد أيام الشهر، وأن نتواصل مع معدي الأطعمة المحفوظة والمثلجة، والانكباب على كتب الطهو والتسابق لتعليم خادماتنا أصول الطبخ في معاهد خاصة من أجل إعداد سفرة رمضان التي تكون وليمة كاملة من أطباق عدة متنوعة لا نتناول منها إلا اليسير وما تبقى يذهب إلى صناديق القمامة إلا من رحم ربي الذي يعمل على حفظها وإرسالها لمن يحتاجها، وكما يقولون سفرة الطعام قبل أن نتناول ما عليها تنزل على الانستغرام من أجل التباهي بما عليها من لذيذ الطعام.وما زاد وغطى كما يقولون، أن نأتي ببدعة "هدية رمضان" التي بدأت الكثير من النساء للأسف وهن البادئات بمثل هذه البدع ومهنتهن ابتكار الكثير من الأفكار لهذه البدع الجديدة "هدية رمضان" عبارة عن صندوق أو "بقشة" قطعة من القماش فيها شيء من حلوى رمضان وملابس شعبية وأشياء أخرى حسب ما تريد المرأة من عطور وبخور.للأسف أصبحنا وخاصة النساء يتسابقن إلى مثل تلك الابتكارات كل عام، ويتبعها الكثير من اللاتي لا يدركن خطورة ما يقمن به من إنفاق شديد وإسراف لا حد له في مثل هذه البدع.فبعد ابتكارات "الكرنكعوه" التي كانت عادة بسيطة يسعد بها الأطفال، أصبحت مناسبة تقام فيها الولائم وتقدم الهدايا، وهناك ملابس خاصة بها، تباع بأسعار باهظة قد تكفي لإطعام عائلة طوال الشهر.لقد أعطانا الله عز وجل العقل لكي نميز بين الصواب والخطأ، وندرك أن النعمة التي أنعم الله بها علينا يجب صيانتها والمحافظة عليها، وبالتالي مساعدة من يحتاج إلى المال والصدقة لكي ينهض بأسرته، وكم من أسر تنام وهي لم تذق إلا القليل، وتفرش أبسط البسط وتحتاج إلى الريال لتنفق على أطفالها، وتظل مع ذلك متعففة رغم ما تراه حولها من هذا البذخ والإسراف الذي للأسف جعل الناس في غيبوبة من المظاهر الزائفة والغرور والتعالي ونسوا أو تناسوا أن هذا الشهر هو مجال كبير لتغيير النفس لما يريده الله عز وجل منهم، فالله لا يغير إلا من سعى إلى التغيير وبذل جهده في ذلك.نأمل أن نعود إلى طبيعتنا السابقة ونحتفل بهذا الشهر بما يليق به من ذكر وعبادة وقراءة قرآن وابتعاد عن الشهوات واللغو والعادات غير اللائقة بهذا الشهر المبارك شهر القرآن وشهر التغيير للأفضل.وأن نجعله نبراسا لنا طوال العام لا أن نعود إلى عاداتنا السابقة بعد رمضان، فالله عز وجل يدعونا إلى الخير دائما، وهذا الشهر شهر الخيرات والبركات، وكل عام وأنتم بخير.