03 نوفمبر 2025
تسجيلإن الصحابة رضوان الله عليهم هم الذين جعلوا عالمية الرسالة حقيقة واقعة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لحق بالرفيق الأعلى ودينه لم يتجاوز حدود جزيرة العرب، وقد علم الأصحاب الكرام عليهم رضوان الواحد الديان- أن النبي صلى الله عليه وسلم مبعوث للعالم كله، (وما أرسلناك إلا كافة للناس) (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) (تبارك الذي نزّل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً).فشرعوا ينساحون في الأرض مبشرين ومنذرين، ولم تكن المهمة سهلة، فرعاع العرب حاولوا إحياء الجاهلية المسحوفة، كما أن مجوس فارس وصليبي الرومان اعترضوا بالعنف مسار الدعوة، غير أن الجيل الذي رباه محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم كان صلب المرأس، شديد البأس، جمع بين الصرامة والكرامة (أشداء على الكفار رحماء بينهم)، فلم يكن أمام الباطل حتى كسر شوكته وأسقط دولته مما جعل أبا لؤلؤة المجوسي عليه لعنة الله، أن يقول مخاطباً نفسه: "أكل قلبي عمر"، فمازال بعمر حتى اغتاله عند صلاة الفجر في محراب الصلاة. لقد كانت تربية محمد صلى الله عليه وسلم لهذا الجيل معجزته الكبرى بعد القرآن الكريم، لأن صحابة محمد صلى الله عليه وسلم تشدهم إليه جاذبية معنوية وتنظم ما أودع الله في نفوسهم طاقة ونورا.ذكر أن قلب الصحابي مطعم بن جبير رضي الله عنه كاد أن يطير من الرغبة والرهبة والخشوع وهو يسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بسورة "الطور" في صلاة المغرب، ترى كيف حال من صلى وراء النبي صلى الله عليه وسلم بالقرآن كله آلاف الركعات وخالطه في شؤون حياته وتقلبه في الساجدين وبين الناس، نعم لقد صنع محمد صلى الله عليه وسلم جيلاً لا نظير له ولا مثيل في تاريخ الرسالات.والنظر إلى هذه الموازنة، أن بطرس وهو أحد حواري عيسى عليه السلام ومن كبارهم صحب السيد المسيح طويلا، وعندما تعرض السيد المسيح إلى فقهاء من اليهود والرومان وصدرت الأوامر للشرطة بملاحقة النصرانية وأتباعها واعتقالهم، وتعرض السيد المسيح لحرج شديد في هذه الفترة ألقي القبض على الحواري الكبير بطرس وسئل: أتعرف عيسى ابن مريم؟ قال: لا، وأنكر أن يكون قد عرف عيسى عليه السلام يوماً وأنه لا صلة له البتة.لقد آثر النجاة بنفسه والتخلص من السجن أو العذاب، وبقي السيد المسيح يعاني اضطهاد اليهود والرومان لوحده.انظر هذا الموقف الغريب ثم اقرأ قصة زيد بن الدئنة أحد أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وهو ليس من حوارييه ولا من وزرائه، فقد أسره المشركون وساقوه إلى ساحة الأعوام وأحاطوا به في لحظاته الأخيرة ليتشمتوا به ويتشفوا غيظ صدورهم، عندها سأله أبو سفيان – وكان مازال على شركه- ورمحه موجه إلى بطن زيد ليغرسه في أحشائه، سأله: أنشدك الله يا زيد أتحب أن محمداً الآن مكانك تضرب عنقه وأنت سالم في أهلك؟. قال زيد: والله ما أحب أن محمداً صلى الله عليه وسلم الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه وأنا جالس في أهلي.فقال أبو سفيان: ما رأيت أحداً يحب أحدا كحب أصحاب محمد لمحمد، وقتل الصحابي المحب لرسول الله وهو يقول: اللهم بلغ عني رسولك السلام.إن الفرق بين بطرس وأمثاله وزيد وأمثاله هو الفرق بين محمد صلى الله عليه وسلم وسائر الناس.الحبيب المصطفى:يا من تحركت لتعظيمه السواكن، فحن إليه الجذع، وكلمه الذئب وسبح في كفه الحصى، وتزلزل له جبل أحد، كل كن عن شوقه بلسانه.عجب القوم من علوّ منزلته فقالوا بلسان الحسد: (لولا نُزّل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم). إلا أنني أقول: إن المغفلين الذين خدعتهم أجهزة الزور يحسبون أننا نتبع محمداً عن تقليد ساذج مرّض القوم داء الحسد فأروه بغير عينه فقالوا مجنون، يا جملة الجمال، ويا كل الكمال أنت واسطة العقد وزينة الدهر، يزيد على الأنبياء زيادة الشمس على البدر، والبحر على القطر والسماء على الأرض.أنت صدرهم، وبدرهم، وعليك يدور أمرهم جمعهم من أرسلهم له ليلة الإسراء فافتدوا به، "ولو كان موسى حياً لما وسعه إلا اتباعي".يا طريداً مـلأ الدنيا اسـمه وغدا لحناً على كل الشفاهوغدت سيرتـه أنشــودةً يتلقـا رواة عــن رواةنعم أتسأل عن أعمارنا أنت عمرنُا وأنت لنا التاريخ أنت المحرِرُوآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين