17 سبتمبر 2025

تسجيل

«التحكيم والمصالحة والتوفيق».. أهم المظاهر القانونية للمعاملات الإسلامية

22 يونيو 2014

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); أقر الإسلام التحكيم وفضله دون التخاصم إلى القضاء فما تم بالتراضي خير من يتم بالشحناء والخصومة بين المنازعين من تسامح وتقارب وإيذان بالرضا بالحق مع صفاء النفوس وراحتها ونجد أن من أهم المظاهر القانونية المعاصرة ظاهره الانفتاح على التحكيم والمصالحة والتوفيق واتساع آفاقه فقد عم الاعتراف بالتحكيم لكافه المجتمعات على اختلاف نظمها القانونية وأوضاعها الاقتصادية واتسع نطاق ومجال التحكيم ليشمل مجالات كثيرة حتى لو كانت تدخل ضمن النظام العام كالهيئات السيادية والمؤسسات العامة وأثبت التحكيم جدارته وأثره حتى أصبح واقعا ملموسا قامت الدول بتنظيمه واعتماده بل أنشأت له المحاكم والهيئات والمراكز المحلية والدولية وأصبح التحكيم أهم الطرق والوسائل البديلة موازيا للهيئات القضائية يكون مرنا وسريعا لحل الخصومات والمنازعات بين الأفراد والدول والمؤسسات (المالية - الاقتصادية) (تجارية - إسلامية) وبفضل هذه المزايا أصبح التحكيم نظاما قضائيا عالميا بجانب النظم القضائية الوطنية والعالمية حيث ينص نظامه على تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية بالتراضي وفتح بابا واسعا لتطبيق مبادئها وتقديم تطبيق أحكام الشريعة على تطبيق القانون الوضعي ولذلك سيكون التقرير عن مفهوم التحكيم بالمعاملات الإسلامية وفق محاوره التالية: أولا: مفهوم التحكيم (Arbitration)التحكيم طريقة خاصة لفض المنازعات أو إجراء المصالحة والتوفيق من قبل هيئة تحكيم يسند إليها أطراف النزاع مهمة البت فيها بموجب اتفاقية تحكيم دون اللجوء إلى القضاء النظامي ويكون التحكيم لهذا المفهوم صيغة تهدف إلى إيجاد حل ملزم لنزاع بين طرفين أو أكثر عن طريق محكم واحد أو أكثر يستمدون سلطتهم من اتفاق خاص بين أطراف النزاع ويتخذون قرارهم على أساس الاتفاق المذكور دون أن يكونوا معينين من قبل الجهاز القضائي الرسمي لأداء هذه المهمة كما يعرفه مجمع الفقه الإسلامي الدولي بجده قراره (رقم 91) بأن التحكيم (اتفاق طرفي خصومة معينة على تولية من يفصل في منازعة بينهما بحكم ملزم يطبق الشريعة وهو مشروع سواء أكان بين الأفراد أم في مجال النزاعات الدولية) وتم تخصيص المعيار الشرعي (رقم31) للتحكيم لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية.ثانيا: الأسس التي يقوم عليها التحكيم - الأساس الاتفاقي للتحكيم اتفاق بين الأطراف على ذلك وبهذا يختلف التحكيم عن القضاء بأنه اختياري في حين القضاء إلزامي وحرية الأطراف في الاتفاق على التحكيم تمتد لاختيار المحكمين ولغة التحكيم ومقره ونوعية القانون الواجب التطبيق على إجراءات التحكيم كما يمكن اختيار هيئة تحكيمية خاصة.- الصفة القضائية للتحكيمواجبات هيئة التحكيم هي الفصل في النزاع، إعطاء قرار نهائي يتناول فيه جميع الدفوع المقدمة من المتحاكمين للوصول بالنتيجة إلى قرار يبت في موضوع النزاع بين المخاصمين وهو بذلك يشبه القضاء ولكنه يختلف عن الطرق البديلة لحل النزاعات حيث إن قرارات المحكمين ملزمة للأطراف.ثالثا: أنواع التحكيم Styles Arbitrationللتحكيم أنواع عديدة تنقسم وفقا لإرادة المحتكمين بإنشائه مثلا إلى (اختياري- إجباري) وكذلك وفقا لطريقة اختيار المحكم إلى (حر- مؤسسي) وهذا النوع واسع التطبيق في مجال التحكيم لما يتميز به من مزايا عديدة كذلك ينقسم وفقا لسلطة المحكم نفسه (مقيد - مطلق) وأخيرا يتم تقسيمه وفقا لمقر إصداره (وطني- أجنبي - خاص - دولي- تجاري) وفيما يلي النوع الأغلب تطبيقا بالواقع: التحكيم الحر التحكيم الذي يلجأ فيه أطراف النزاع إلى اختيار محكم أو محكمين بكامل حرياتهم ليتولوا البت في النزاع ويستند اختيار المحكمين على المعرفة الشخصية للمحكم.التحكيم المؤسسي التحكيم أمام هيئات ومراكز تحكيم دائمة تتولى التحكيم بنفسها من تهيئة مقر التحكيم لأطراف النزاع وتيسيره ومساعدتهم لاختيار محكميهم بفضل القوائم المعدة سلفاً والمكان الذي يجتمع فيه هيئه التحكيم.رابعا: مزايا التحكيم المتخصص) (Special Arbitration - السرعة في حسم النزاع بأقل وقت وجهد وتكلفة.- توافر الحكم ذي الخبرة والكفاءة المهنية المتخصصة في مجال النزاع.- توافر السرية التامة للنزاع.- التحكيم عدالة تصالحية لذلك فقرارات هيئات التحكيم تنفذ طواعية دون اللجوء للقضاء.خامسا: خصوصية المنازعات في معاملات المؤسسات المالية الإسلاميةتنفرد الصناعة المالية الإسلامية بخصائص مميزة من الضوابط والممارسة والمصطلحات عن الصناعة المالية التجارية وهذا التميز يجعلها تحتاج إلى آليات نشاط مختلفة في الأهداف والآليات لفض النزاعات بالمصالحة والتحكيم والتوفيق.(المعاملات المالية الإسلامية) تتميز باختلاط الأموال وتعدد أطراف المعاملة الواحدة وبناء على ذلك أصبحت معرفة طبيعة عقود الصناعة المالية الإسلامية معرفة جيدة ودقيقة مسألة اختصاص مثل التعامل مع مسألة تحكيم غير المسلم بسبب ما يحمله من ثقافة قانونية تعتبر الفائدة جزءا أساسيا في المعاملات المالية وترى أن غرامات التأخير لمعاملة عادلة لما فات الدائن من كسب دون النظر لعسر المدين بالإضافة إلى القانون الذي يجب على المحكمين تطبيقه في موضوع النزاع فالمؤسسات المالية الإسلامية وإن كانت مرجعيتها الأساسية هي أحكام الشريعة الإسلامية إلا أنها تخضع لضوابط أخرى تحت تعدد الأنظمة حسب القوانين السارية في البلدان المختلفة وهيئات رقابة شرعية خاصة بها والمعايير والمبادئ الإرشادية لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية ومجلس الخدمات الإسلامية والمعايير الدولية للمخاطر وكفاية رأسمال والتدقيق والمحاسبة وبجميع الأحوال يتوجب لهيئة التحكيم حرية الاختيار بما لا يتعارض ومبادئ الشريعة الإسلامية (الصيرفة الإسلامية) كيان مستقل له سمات وخصائص تختلف في مضمونها عن الصيرفة التقليدية وقد تعاظم هذا الدور كماً وكيفاً ونوعاً ولكن رغم كثرة عددها وقوة وزنها المالي في الصرح العالمي تندرج المؤسسات المالية الإسلامية تحت أنظمة قانونية قد وضعت أساسا لتنظيم أعمال البنوك التقليدية ولم يترجم تعاظم دور المؤسسات المالية الإسلامية من ناحية الكيف إلى صيغ وآليات تعكس خصوصية المنهج المتبع في التعامل ونتيجة لهذا الخلاف الفكري بين صناعة الصيرفة الإسلامية والصيرفة التقليدية ظهرت الحاجة لأن تكون للصناعة المالية الإسلامية مؤسسات وبنية تحتية تنظم نشاطها بحيث يصبح له كيان مستقل ومتكامل.(صيغ التمويل والاستثمار المعتمدة) فهي على الساحة المالية الإسلامية مستمدة من الفقه الإسلامي على اختلاف مذاهبه حيث أصبحت أساسا لعقود مركبة بعد أن كانت بسيطة فهذه الأدوات بلورتها المجامع الفقهية واللجان الشرعية في المؤسسات المالية الإسلامية بصورة تتماشى في مجملها مع القوانين ولكن لا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية.سادسا: النماذج القانونية المعاصرة من هيئات التحكيم والمصالحة والتوفيق تغطي مراكز وهيئات التحكيم والمصالحة والتوفيق الصناعة المالية الإسلامية ومنذ تأسيسها تعمل بكفاءة وهمة لتأسيس ثقافة ومفاهيم علم صناعة التحكيم في المنازعات المتعلقة في المسائل الإسلامية وهذا الأمر ضروري للمعاملات المالية والاقتصادية الإسلامية التي تعاني كثيرا خاصة عند نظر النزاع أمام المحاكم الأجنبية التي لا تعرف تفاصيل الأحكام الشرعية ومضامين فقه المعاملات الإسلامية وتخصصها المتميز في تسوية المنازعات المتعلقة بالعقود وغيرها من مسائل الصيرفة الإسلامية مع العمل الجاد لتطوير هذه المراكز للوصول إلى القمة والتفرد في مجال التحكيم في الأمور الخاصه بالصيرفة الإسلامية مع نظرائها من مراكز التحكيم الدولية لبقاء قوة وضمان تطوير قطاعات المالية الإسلامية وصناعة التحكيم المرتبطة بها ومن أمثلتها المركز الإسلامي للتحكيم التجاري بالقاهرة الذي تأسس عام 1991 م والمركز الإسلامي الدولي للمصالحة والتحكيم بدبي (IICRA) تأسس المركـز عام 2005م وبــــدأ المركز نشاطه الفعلي في بداية عام 2007 م وتم تأسيس مركز قطر الدولي للتوفيق والتحكيم (QICCA) عام 2006 م. المركز الإسلامي الدولي للمصالحة والتحكيم بدبي (IICRA)- تم تعزيز وظيفة المركز في أداء مهمته بصدور المعيار الشرعي (رقم 31) الصادر عن هيئة المحاسبة والمراجعة وللمؤسسات المالية الإسلامية والذي يعتبر المركز المرجع العلمي والإجرائي للتحكيم في مجال الصناعة المالية الإسلامية.- تم تأسيس ورعاية هذا المركز من قبل البنك الإسلامي للتنمية والمجلس العام للبنوك والمؤسسات الإسلامية بالبحرين وأسهمت دولة الإمارات العربية المتحدة بفاعلية لإنشاء المركز للقيام بدور تنظيم الفصل في النزاعات المالية والتجارية التي تنشأ بين المؤسسات المالية والاقتصادية أو بينهما وعملائها أو الغير وذلك بصفة المصالحة والتحكيم والتوفيق مما لا يخالف الشريعة الإسلامية كما يقدم المركز عدة خدمات قانونية وشرعية مساندة للصناعة المالية الإسلامية منها تقديم الاستشارات القانونية ويتم تفعيل دور المركز بصيغتي الشرط والمشارطة التي يضعها المركز بين أيدي الإدارات القانونية في هذه المؤسسات المالية والإسلامية من أجل إدراجها في العقود التي تبرم أو بوثائق مستقلة كما يضع المركز على ذمة المحتكمين قائمة من المحكمين والخبراء الملمين بأحكام الشريعة الإسلامية والقانون المقارن وذوي السمعة الحسنه والنزاهة ويسهم المركز في رفع مستوى الثقافة التحكيمية لإعداد الدورات التدريبية والتأهيل والتواصل مع الإدارات القانونية في المؤسسات المالية الإسلامية.مركز قطر الدولي للتوفيق والتحكيم (QICCA)تم تأسيس المركز بقرار مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة قطر عام 2006 م حرصا على إيجاد آلية سريعة وفعالة لحسم المنازعات التي تقع بين الشركات القطرية فيما بينها أو مع مثيلتها من الشركات الأجنبية باتباع أحدث الاتجاهات في تنظيم إجراءات التوفيق والتحكيم من خلال تبني القواعد النموذجية التي أعدتها لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي عام 2010 م (اليونسترال) وبالشروط التي يوصي بإدراجها ضمن العقود الوطنية والدولية ويحتفظ بقوائم للموفقين والمحكمين والخبراء الدوليين من جميع أنحاء العالم في تخصصات متنوعة ويحرص المركز على تنظيم البرامج التدريبية وورش العمل المتخصصة لإعداد المحكمين الدوليين وتشجيع استخدام الوسائل البديلة لحسم المنازعات وحصل المركز على عضوية الاتحاد الدولي لمراكز التحكيم المؤسسي IFCAI كواجهة عصرية للمظاهر القانونية الحديثة.