30 أكتوبر 2025
تسجيلدخل علينا في الفصل الأستاذ الأزهري «دسوقي» مدرس العلوم الشرعية وهو يتأفف قائلا: (أيه ده حاجه تفلىء «تفلق» أقول له: إنا أعطيناك «الكوسر» يقولي لا.. أنطق "الثاء" الكوثر وليس الكوسر). والإخوة المصريون عموما يلفظون حرف «الثاء» سين. وكان الأستاذ دسوقي، بالإضافة إلى عمله كمدرس في مدرسة الريان القديم الابتدائية للبنين، يعطي دروسا دينية بعد العصر في جامع الريان القديم الكبير، وصادف أن قرأ سورة الكوثر كما ذكرت فاعترض عليه أحد الحاضرين من كبار السن، واتهمه بأنه يحرف القرآن ويسيء إليه وطلب منه التوقف عن إعطاء الدرس، ثم طلب من الوزارة بعد ذلك باستبداله بآخر يتقن قراءة القرآن ومخارج الحروف. عرف عن كبار أهل قطر التقوى والمجاهرة بالحق بأسلوب صريح ومباشر، والحرص عَلى عدم إدخال أي جديد غير ما تربوا عليه، خاصة فيما يتعلق بالدين والصلاة وقراءة القرآن. والجدير بالذكر عندما قدم للبلاد بعض الإخوة المصريين من الأزهريين لتدريس مادة العلوم الشرعية والقرآن، أحضروا معهم بعض العادات التي لم تكن مستحبة من أهل قطر أو لم يكونوا قد اعتادوا عليها، كإحضار مقرئ ليوم الجمعة يقرأ على المصلين وهم منصتون أو مرددون الله أكبر أو غير ذلك، وأذكر أن أحد القطريين في المسجد قد نهرَ أحدهم عندما طلب منه الاستماع لقراءته وعدم تلاوته القرآن بنفسه، كما هو سائد في المساجد في مصر حيث هناك قارىء، والجميع يستمعون له مرددين "الله أكبر، جزاك الله خيرا" وغيرها من عبارات الإعجاب بالصوت والتلاوة، قائلا: هذه بدعة وكلنا يقرأ القرآن ويحفظه. كما كانوا ينزعجون من الاستخدام المكثف للمايكرفون سواء نداء أو قراءة، أو التطويل في الخطبة أو الصراخ عند إلقائها، كل هذه العادات ليست من خصائص فهمهم للدين الحنيف، خوفا من تحول العادة إلى بدعة، ومن ثم تصبح من الدين مع مرور الزمن، الأمر الذي قد خفت حدته بشكل كبير بعدما طغى تدريس المادة نظاميا على مدارس الكتاتيب.