14 سبتمبر 2025

تسجيل

الاستثمار المجتمعي يحافظ على المتانة الاقتصادية

22 مايو 2013

تنتهج قطر نهج الاستثمار المجتمعي النوعي في أوجه التنمية من الصحة والتعليم والطاقة والبنية التحتية والخدمات، والتي باتت عصب الحياة الاقتصادية والاجتماعية اليوم، وهو ما يطلق عليه الاستثمار بعيد المدى، الذي يحقق رؤاه وعوائده خلال السنوات العشر القادمة. فقد أطلقت الدولة استثمارات ضخمة في المجالات الحيوية، وأسست لهذا الغرض شركات وطنية لإدارتها بما يتوافق مع رؤية الدولة 2030، وأبرزها ما تابعناه باهتمام مؤخراً الإعلان عن صندوق الصحة والتعليم برأسمال قطري قدره "360" مليار ريال، والذي يتعاون مع جهاز قطر للاستثمار في إدارة موارده الإنتاجية لابتكار مشروعات تعليمية وصحية أو شراء وبيع أسهم أو تأسيس شركات مفردة أو مع الغير أو مساهمة. ومن هنا فإنّ تأسيس صندوق برأسمال ضخم سيدعم إشراك الجهاز الاقتصادي والشركات القطرية والأفراد في الاستفادة من فرص الربحية على المدى الطويل، ويعني صياغة رؤى استشرافية للصحة والتعليم عبر فتح باب الشراكات مع القطاع الخاص، كما سيعمل في الوقت ذاته على استمرارية نمو هذا النوع من الاستثمار ليدعم القطاعات المجتمعية سواء في الحالات الطارئة أو مع تذبذب إنتاجيات النفط والطاقة. كما شرعت مؤسسات قطرية عملاقة هي الكهرباء والماء وقطر للبترول وقطر القابضة في تأسيس شركة "نبراس للطاقة" للاستثمار في الطاقة بالخارج، برأسمال قدره مليار دولار، وحتى تتمكن من دخول أسواق الطاقة وفتح منافذ جديدة للتسويق دولياً. وشرعت أيضاً في بناء أكبر مصهر للألمنيوم في العالم باستثمارات بلغت أكثر من "5،7" مليار دولار، ومصانع للألمنيوم باستثمارات بلغت "122،6" مليون دولار، ونمو الاستثمار في الإنشاءات إلى "77" مليار دولار العام الماضي، وإنفاق "140" مليار دولار على مشاريع البنية التحتية خلال السنوات الخمس القادمة، واتفاقات الاستثمارات في مشروعات السكك الحديدية بتكلفة "36" مليار دولار، والملاعب الرياضية بتكلفة "4" مليارات دولار، ومشاريع قلب الدوحة بتكلفة "6،4" مليار دولار. وفي هذا الصدد أظهر تقرير "كابيتال" أنّ قطاع الخدمات سيطر على القطاع غير النفطي والغاز، وحقق نمواً قوياً بنسبة "18،2%"، مما أدى إلى دعم النمو في عوائد قطاعات السياحة والمالية والإدارة العامة والخدمات. وتوقع التقرير أن يدعم القطاع غير النفطي تطور القطاعات الفرعية مثل الخدمات المالية ومشاريع الدولة الرئيسة والإنشاءات والتوسعات التي تشهدها مناطق الصناعة. وقد اتسمت تلك الاستثمارات بالنوعية في القطاع، والأداء الذكي المستند على ركيزة مؤشرات النمو، وتنويع مصادر الدخل بتوفير قاعدة مالية ضخمة للأجيال، وتهيئة الأجواء الاقتصادية لتحريك السيولة المالية التي تدعم بدورها كافة الأنشطة، وستعمل مساعي التوسع في السوق الدولية على زيادة الفرص للبنوك المحلية في اقتناص فرص الشراكات خارجياً. ولو أخذنا الاقتصاد الغربي نموذجاً فإنّ الأزمات المالية الخانقة تخفي أسباباً اجتماعية ومعيشية أبرزها غياب شراكة القطاع الاقتصادي مع المؤسسات الاجتماعية والصحية والخدمية، مما أحدث فجوة كبيرة في تواصل الحكومات مع الأفراد، بل وأدى إلى اتساع الهوة بين الطرفين، وهذا ما لا نجده في دول مجلس التعاون الخليجي التي تنتهج نهج الارتباط مع احتياجات مجتمعاتها بشراكات استثمارية تقوم على إدارة الطرفين وتحقق عوائد ربحية لكليهما. وقد أكد تقرير وكالة "ستاندرد آند بوز" المتانة المالية لمشروعات الاستثمار بأن القاعدة الاقتصادية للدولة ترتكز على الفائض المالي الكبير لعوائد الموازنات، وامتلاك الدولة لأقوى اقتصادات الطاقة، والبرنامج الضخم لزيادة الطاقة الإنتاجية، والاحتياطات الهائلة من المواد الهيدركربونية، وتطورات القطاع غير النفطي، وانخفاض احتمالات المخاطر الاستثمارية عالميا بالاستناد إلى عاملي الاستقرار وقوة الأداء. إلى جانب ذلك تحتل الدولة تصنيفاً متقدماً بفضل ترجمة سياساتها المالية والاقتصادية إلى مشروعات وثيقة الصلة بالتنمية المجتمعية، واعتبر التقرير أن قطر هي الأسرع نموا عالميا، مقارنة بنظيراتها من دول مجلس التعاون الخليجي، وامتلاكها لـ"12%" من احتياطيات الغاز، والمركز الـ"12" لصندوق الثروة السيادي للدولة على المستوى العالمي، وإصدار السندات لتمويل مشاريع التنمية وإدارة المتطلبات المستقبلية. هذه المؤشرات الإيجابية تدعم بقوة جهود الدولة في تنويع الاستثمارات محلياً وخارجياً، وتفتح أبواب الشراكات الوطنية والإقليمية، وتعمل على تحريك السيولة المالية لمواجهة متطلبات البناء.