11 سبتمبر 2025

تسجيل

عُمـران الإنسـانيـة

22 أبريل 2021

لعلكم مثلي تتابعون برنامج (عمران) والذي يبثه تلفزيون قطر عقب صلاة المغرب بقليل، وبشكل يومي، ويقدمه المعلق الرياضي في قناة الكاس الزميل المتألق سوار الذهب علي، الذي حرص مع فريق الإنتاج على أن يكون مضمون البرنامج هو ملامسة الواقع المر للاجئين السوريين على الحدود المشتركة مع جمهورية تركيا، التي فتحت بلادها وأرضها لملايين السوريين، والذين يمثلون اليوم شريحة كبيرة جدا من كيان الشعب التركي، الذي رحب بهؤلاء الهاربين من بطش النظام السوري ومن يؤيده في غاراته المسمومة والقاتلة، والتي دعت الملايين للهرب والتشريد إما للحدود المشتركة مع لبنان والأردن وتركيا، أو النجاة في قوارب الموت للسواحل الأوروبية التي نجا منهم من نجا ومات منهم من كتب الله له الموت غرقا. واليوم يجد الآلاف منهم أنفسهم على تلك الحدود يحاولون أن يرتبوا نظام حياتهم باليسير الموجود لديهم، ويناشدون المنظمات الإنسانية الالتفات لأحوالهم الصعبة صيفا والأكثر قسوة شتاء. وتحاول أنقرة بجهودها المعترف بها دوليا وإقليميا أن تساعد كل هؤلاء بإقامة مستشفيات ميدانية وإطعام كل هذه العائلات بسلال غذائية وتتكبد في هذا الكثير، موقنة بأن هؤلاء فئة مضطهدة وتستحق المساعدة بلا شك، ولولا تخلخل نظام السكان داخل الأراضي التركية التي تحوي الملايين منهم لفتحت لهم أرضها مثل الذين سبقوهم، ولكن لكل دولة قدرة على استيعاب المهاجرين بالصورة المناسبة لهم، ولذا فكما حاولت تركيا أن تفتح أسواق العمل المختلفة للسوريين اللاجئين المتواجدين في بلادها فإنها تُظهر للعالم اليوم الكم الهائل من المساعدات للاجئين المتواجدين على حدودها، مناشدة كل هذا العالم أن يعاونها في سد احتياجاتهم. ولذا فقد لمس برنامج سوار الذهب (عمران) هذه الإمكانيات التي لا تزال شحيحة أمام احتياجات هذه الأسر، لكن أكثر ما لفت نظري أن هؤلاء كان منهم من استوعب الحياة الواقعية التي أُجبروا عليها، ولذا لم ينتظروا الهبات والمساعدات وبدأوا يكوّنون مع فريق لهم مراكز خدمة لتلك العوائل، مثل خدمات الدفاع المدني والتي مدتهم باحتياجاتها الحكومة التركية، ولجان مختصة من الأمم المتحدة مثل سيارات الإطفاء والملابس الواقية للإطفائيين، ومقر مجهز زاره الزميل سوار الذهب في لقطات لأول مرة تعرض على شاشة عربية وخليجية، مقتربا من هذا الواقع الذي لم ينقله أحد من قبل، ونقل لنا دور هذا المركز بل وشارك في عملية عاجلة لإنذار حريق في أحد المخيمات السورية، لكن وأمام هذه الواجهة الملهمة لوضع اللاجئين السوريين لم ينس برنامج (عمران) أن يتجول بين المخيمات التي تفتقر لأقل متطلبات الحياة، ويُظهر تلك الآلام التي تجول في ناظري الآباء والآباء على حياة أبنائهم الصغار، وكيف أن متعة اللعب بالطين الذي شكله سقوط الأمطار الغزيرة على خيامهم البالية التي لم تحمهم منها تمثل متعة كبرى لهؤلاء الصغار الذين لم يعرف منهم بعد كيف يعيش الأطفال في بيئة صحية وسليمة، وكم كان المشهد مؤلما وقاسيا حينما سأل سوار الذهب أحد الأطفال والذي يكتسي وجهه بلطخات الطين الرطبة منذ متى لم يأكل اللحم؟! ليجيبه الطفل ببراءة: شو يعني لحم؟! مثلت إجابته صاعقة لسوار وفريقه، بينما يعاني كثير من الأطفال من تشوهات جسدية تتمثل في بتر بعض الأطراف كالذين التقى بهم البرنامج وكانت أقل أمنياتهم إما ملابس جديدة أو ألعابا أو كما عبر بعضهم عن أقصى تلك الأمنيات أن يسيروا على أقدامهم من جديد بعد أن فقدوا القدرة على المشي ثانية، ولم تتبن حالتهم أي منظمة إنسانية أو علاجية لتركيب أطراف صناعية لهم رغم بعض الحالات الناجحة التي أُعلن عنها لبعض أطفال أُسر المخيمات، ولكن يبقى الوضع أليما وصعبا وفقيرا بكل متطلبات الحياة الضرورية، التي لم تتوافر رغم حملات التبرع الضخمة التي يتم الإعلان عنها في معظم الدول العربية ومؤتمر المانحين لسوريا وغيرها من الشعوب المنكوبة. فشكرا تلفزيون قطر الذي أبدع في إخراج هذا البرنامج الإنساني الرائع. ‏@[email protected] ‏@ebtesam777