12 سبتمبر 2025
تسجيلارتفع سعر برميل النفط نهاية الأسبوع الماضي إلى أعلى مستوى له منذ نهاية 2014 مدفوعا بنشر الولايات المتحدة بياناتها الأسبوعية لمخزوناتها من المشتقات النفطية، والتي أظهرت تراجعا واضحا في هذه المخزونات. لكن وزير النفط العماني السيد محمد الرمحي عبر عن قناعته بأن سوق النفط ما زالت متخمة بالمعروض ودعا لاستمرار اتفاق خفض الإمدادات بين أوبك والمستقلين حتى نهاية العام. ولذلك يطرح المراقبون تساؤلاتهم حول مدى صمود أسعار النفط فوق مستوى سبعين دولارا بشكل دائم أم أنه ارتفاع مؤقت سرعان ما يعاود الانخفاض. وفي الحقيقة، فإن ما يصعب الإجابة على هذه التساؤلات هو أن عوامل العرض والطلب في السوق لا تزال مختلطة وبعضها هشة. ففي الوقت الذي أعلنت فيه الولايات المتحدة تراجع مخزوناتها النفطية، تعلن الصين عن تباطؤ النمو الاقتصادي إلى ما دون ال7% خلال الربع الأول من العام الجاري. في الوقت نفسه هناك شبه اتفاق بأن الارتفاع الراهن سببه التوترات الجيوسياسية وسط شعور عام بوجود مخاطر مرتفعة بتعطل الإمدادات، بما في ذلك احتمال تمدد الصراع في الشرق الأوسط وإلغاء الولايات المتحدة من جانبها الاتفاق النووي مع إيران وتجدد العقوبات عليها منتصف الشهر المقبل وانخفاض الإنتاج بسبب الأزمة السياسية والاقتصادية في فنزويلا. ووفقا لتقرير لبنك باركليز، سوف ينخفض إنتاج فنزويلا من النفط إلى ما يراوح بين 1.1 و1.2 مليون برميل يومياً خلال الشهور المقبلة. وسيساهم هذا الانخفاض في خفض المعروض النفطي في الأسواق العالمية. لذلك من المنتظر أن ترتفع أسعار النفط بحوالي 3 دولارات عن مستوياتها الحالية، وهو ما يعني أن سعر البرميل ربما يتجه نحو 75 دولاراً في المتوسط. وواضح أن هذه المراهنات الجيوسياسية خاضعة لتقلبات شديدة لا يمكن الركون إليها. بينما هناك عوامل ترتبط بجانبي العرض والطلب داعمة لارتفاع الأسعار بصورة مطردة. ففيما يتعلق بالإمدادات النفطية لـ «أوبك»، قامت الدول الأعضاء بتخفيض مستويات إنتاجها بمعدل 201 ألف برميل يوميا، حيث بلغ متوسط معدلات الإنتاج 32.04 مليون برميل يومياً، فيما يعد أدنى مستوياتها منذ مايو 2017. ويعزى هذا التراجع إلى تراجع إنتاج كل من فنزويلا وليبيا والجزائر وانغولا، في حين أدى تزايد إنتاج كل من الإمارات ونيجيريا من تخفيف وقع هذا التراجع. وقد دفع ذلك لارتفاع مستوى التزام الأوبك باتفاقية خفض الإنتاج إلى مستوى قياسي بلغت نسبته 163 في المائة للشهر الخامس على التوالي وفقاً لوكالة الطاقة الدولية. هذا في جانب العرض. أما في جانب الطلب، فقد ارتفع الطلب على النفط وخاصة من قبل الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وفقاً للتقرير الصادر عن منظمة الأوبك. وقد أدى ذلك إلى مراجعة بيانات الطلب على النفط لعام 2018 ورفعها بواقع 30 ألف برميل يومياً مقارنة بمستوى الشهر السابق بنمو متوقع يصل إلى 1.63 مليون برميل يومياً خلال الربع الأول من عام 2018 على خلفية برودة الطقس في الولايات المتحدة وانطلاق مشاريع بتروكيماوية جديدة. لذلك، يمكن القول إجمالا إن الارتفاع الذي تشهده أسعار النفط حالياً يدعمه العديد من العوامل التي يتصف بعضها بالهشاشة وارتباطها بمتغيرات سياسية خارجية لا يمكن الركون إليها في المدى المتوسط بينما هناك عوامل حقيقية داعمة للارتفاع المضطرد يقابلها مخاطر عودة الإنتاج الصخري للارتفاع وكذلك ربما رغبة دول الأوبك بوقف اتفاق خفض الإمدادات العام المقبل، وهي جميعها عوامل ترسم مشهدا متعدد السيناريوهات لأسعار النفط لما تبقى من هذا العام والعام المقبل.