11 سبتمبر 2025

تسجيل

الأعذار الواهية لحصار قطر (2/2)

22 أبريل 2018

في مقال الأسبوع الماضي تعرضنا لذكر ثلاثة من اتهامات الظبياني لحصار قطر، ومن جملة ما ذكرناه من الاتهامات الباطلة ما يتعلق بعلاقة قطر مع إيران مع أن علاقة الإمارات مع إيران هي أقوى من علاقتها مع قطر، وذكرنا أيضاً علاقة قطر مع تركيا هي علاقة تعاون وإخاء بين دولتين مسلمتين ولا تشكل هذه العلاقة أي خطر على دول الخليج. أما علاقة قطر بالإخوان فقد بينا أن داعش (صناعة سعودية)، والقاعدة (صناعة أمريكية)، وحزب الله (صناعة سورية وإيرانية)، وليس لقطر معهم أي علاقة، أما حماس وطالبان فعلاقتهما مع قطر أتت بطلب دولي وعربي. أما الإخوان المسلمون فهم إخواننا في الإسلام لجأوا لنا في وقت العسرة. واليوم نواصل سرد الاتهامات الباطلة الأخرى. رابعاً: علاقة قطر بدول الخليج: قطر، ومنذ إنشاء مجلس التعاون الخليجي، تدعو دوماً إلى تعزيز مكانة المجلس باعتباره نموذجاً للتكامل والتنسيق يقود إلى توحيد مواقف جميع دوله، ومع أن السعودية اعتدت على قطر في مواقع عديدة إلا أن قطر استمرت في علاقاتها الأخوية معها، والسير في ركابها، شأنها في ذلك شأن جميع دول الخليج، ما عدا عمان التي تسير وفق سياسة خاصة بها. ولكن الغزو العراقي للكويت وظهور السعودية بالموقف العاجز بالدفاع عنها أولاً، والدفاع عن نفسها عندما وصلت طلائع قوات العراق على حدودها ثانياً، وقيام الجيش القطري بدحر تقدم القوات العراقية في الخفجي عندما فشلت القوات السعودية والأمريكية بذلك ثالثاً، أسقطت عنها الدور الأبوي القيادي بالخليج. ومع وصول سمو الأمير الوالد للحكم في قطر (1995) تغيرت أوراق اللعبة لما يعرف عنه أنه ليس من الأشخاص الذين يرضون أن يكونوا من التابعين. وعندما فشلت محاولة الانقلاب عليه (1996) كان المعتقد أن سمو الأمير الوالد سيأخذ موقفاً مضاداً لكل ما تقوم به الإمارات والسعودية، إلا أن سموه ظهر بعكس ذلك، فقام بتحسين علاقة قطر بالجميع وبخاصة السعودية والإمارات. وبدأ سمو الأمير الوالد ينفق بسخاء على الإصلاحات الداخلية في كل ما يمس خدمة المواطن والمقيم. وقام بتغيير دفة العلاقات الخارجية وربط قطر مع العالم الخارجي بكثير من الاتفاقيات والعقود الاستثمارية، واستفاد من الأزمة المالية العالمية (2007) فظهرت قطر بدور المنقذ للعديد من دول العالم، وبخاصة الدول الغربية، وبدأت الدبلوماسية القطرية في لعب دور مهم في حل الصراعات بمختلف مناطق العالم، وبهذا فهو أخرج قطر من الدائرة الضيقة التي لا تتعدى الخليج العربي إلى دور عالمي جديد لم تعهده دول الخليج. كل ذلك شكل خطراً على السعودية التي ترى في نفسها هي صاحبة الحل والعقد في الخليج. وشكل خطراً آخر على الظبياني الذي يريد قطر ضعيفة حتى يحقق مخططه بقيادة الخليج العربي، والقضاء على السعودية. ومما لخبط حسابات الإمارات أن قطر بدأت ببناء ميناء حمد في يونيو 2010، وهذا الأمر سيشكل تهديداً لموانئها وتجارتها مع إيران. وفي نفس السنة (ديسمبر 2010) تم الإعلان أن قطر ستكون المستضيف لبطولة كأس العالم 2022. طبعاً هذه التحولات في سياسة قطر والإنجازات المستمرة على مستوى العالم لم تعجب الإمارات ولا السعودية التي تريد من قطر أن تتبنى موقفاً تابعاً وليس قيادياً. خامساً: علاقة قطر بشعوب الخليج: مرت على الخليج فترات قاسية مما تطلب تحرك المواطنين في الخليج من منطقة لأخرى بحثاً عن الرزق والحياة الطيبة. وكانت حركة الشعوب الخليجية سهلة وبسيطة لأنه لم تكن هناك حدود تمنعها. ومع تحسن الظروف رجع الكثير منهم إلى دولهم الأصلية، ومع رجوعهم بدأت ترجع لهم حقوقهم ومنها الجنسية. طبعاً البحرين، التي تعاني من خلل سكاني كبير، احتجت على هذا الأمر، فطلبت من قطر عدم إرجاع الجنسيات للمواطنين القطريين الأصليين، بل وطلبت إرجاعهم إلى البحرين. قطر رفضت نزع الجنسية عن المواطنين القطريين، وفي الوقت نفسه سمحت بالتنازل عن الجنسية القطرية لمن تجنس من مواطني دول الخليج ولديه الرغبة بالرجوع لبلده الأصلي مثل السعوديين والإماراتيين وأيضاً العمانيين. إن قطر، وبحسب الدستور والقوانين المنظمة، لا تسمح بازدواجية الجنسية، ولهذا قامت بتخيير هذه الفئة بين التنازل عن الجنسية القطرية أو عن جنسيتهم الأصلية. خامساً: علاقة قطر بإسرائيل: أول لقاء قطري إسرائيلي حدث بعد مؤتمر مدريد للسلام الذي عقد بإسبانيا في 1991. وفي عام 1996، وبعد إعلان مجلس التعاون الخليجي عن وقف المقاطعة الاقتصادية غير المباشرة المفروضة على الشركات العاملة في إسرائيل أو معها، تم فتح مكتبين تجاريين إسرائيليين في الخليج، أحدهما في قطر، والآخر في سلطنة عمان. وعند زيارة شمعون بيريز إلى قطر لافتتاح المكتب التجاري تم توقيع اتفاقيتين اقتصاديتين . إن علاقة قطر مع إسرائيل تمت في العلن، وصرح بها سمو الأمير الوالد للشعب القطري وللعالم لأن الهدف منها هو تهدئة الوضع على الفلسطينيين. وفعلاً فإن هذه العلاقة مهدت لحل قضايا كثيرة يعرفها الفلسطينيون والإسرائيليون. وكان الجميع يرحب بهذه العلاقة ما عدا مصر التي كانت قلقة على مكانتها في المنطقة من الناحية السياسية من أن تحل قطر مكانها، وفي 2009، وبعد اندلاع الصراع بين قطاع غزة وإسرائيل، قامت قطر بالدعوة لعقد قمة طارئة لجامعة الدول العربية وإيران لمناقشة الصراع، ولكن بدلاً من القمة أصبحت مؤتمراً لعدم اكتمال النصاب القانوني للجامعة، والبركة في ذلك ترجع إلى مصر والسعودية ومن والاهم من المقاطعين الذين يرون أنه لا يجوز التعرض لإسرائيل ولا لأمنها. وبعد المؤتمر (2009) قررت كل من قطر وسلطنة عمان وموريتانيا إغلاق المكاتب التجارية الإسرائيلية لديها. أما الإمارات والسعودية فكانت لهما علاقات عميقة بالكيان الصهيوني من قبل ذلك، واستمرت لما بعد ذلك، ولكن بشكل غير علني. وفي مطلع عام 2012 دعت قطر إلى تحقيق دولي في كل العمليات الإسرائيلية بالقدس منذ عام 1967 والتي تهدف إلى "طمس الهوية العربية والإسلامية"، وتسببت هذه الخطوة في ضرر كبير لإسرائيل لدرجة أن قام رئيس وزرائها بوصف قطر بأنها تدعم الإرهابيين. سادساً: قناة الجزيرة: عندما استلم سمو الأمير الوالد الحكم في قطر أحدث نقلة كبيرة في مفهوم الإعلام في الخليج. فقام بخطوة جريئة بإلغاء الرقابة على جميع الوسائل الإعلامية وجعل الرقابة ذاتية من قبل الناشر أو الموزع. طبعاً هذا الأمر لم يعجب لا السعودية ولا الإمارات الذي يشكل الرأي الواحد الرسمي حلقة الوصل بين العالم وشعوبهم. وفي نوفمبر 1996 قام سموه بإهداء العرب قناة إخبارية حرة متمثلة بالجزيرة تنقل الرأي والرأي المعاكس بحرية تامة لم يعهدها العالم، فما بالكم بدول الخليج العربية. فكان أول تهديد بقصف قناة الجزيرة أتى من الرئيس الأمريكي بوش، وثاني شخص هدد بقصف الجزيرة كان الظبياني. وقامت تونس في 2000 وليبيا في 2000 والأردن في 2002 والسعودية في 2002 بسحب سفرائها من قطر بسبب برامج الجزيرة. أما أكثر المستائين من الجزيرة فهو الظبياني الذي كشفت الجزيرة حربه ضد الإسلام والمسلمين وضد الشعوب المطالبة بحرياتها. ولهذا فإنه ليس مستغرباً أن يأتي مطلبان من المطالب الـ 13 لدول الحصار يؤكدان على قمع الحرية الإعلامية القطرية. فقد طالبت دول الحصار من قطر إغلاق قناة الجزيرة (المطلب 6)، وإغلاق جميع وسائل الإعلام التي تدعمها قطر بشكل مباشر أو غير مباشر (المطلب 11). وفي الختام نقول إن قطر استطاعت تحقيق النجاح في كل ما كانت تعمل عليه، وإن هذا النجاح خلق لها حساداً لا يريدون الخير لها، بل يريدون أن تسير قطر في عهود ما قبل التاريخ، بشعوب همها فقط البحث عن الرزق ولا يعنيهم ما يدور حولهم. ومن معرفتي بقطر اليوم فإنها لن تتنازل عن مكتسباتها، وستفرض نفسها لأجل الحفاظ على مكانتها الإقليمية والدولية، وكل ذلك من أجل رفعة قطر والشعب القطري. والله من وراء القصد،،