18 سبتمبر 2025
تسجيلالقتل خارج الإطار القانوني بات كابوسا يقض مضاجع اليمنيين، فلا أحد يدري متى يُستهدف من قبل طائرة طنّانة تبحث عن ملتحين يحملون رشاشات كلاشينكوف أو بي كي سي ويركبون سيارات دفع رباعي ويسيرون في التلال اليمنية تماما كما غالبية الشعب اليمني الذي يحمل سلاحا ويستخدم مركبات الدفع الرباعي، وهذا القتل الذي تعتمده القوات الأمريكية لمطاردة أعضاء القاعدة، بات قانونا عرفيا بعد 12 عاما من استخدامه لأول مرة عام 2002 بمباركة الرئيس السابق علي عبدالله صالح، فقد قتل حسب تقديرات رسمية ما يقارب 500 شخص في المدن اليمنية بواسطة قذائف الطائرات الطنانة، منهم مدنيون وأطفال وعائلات كانت تشارك بزفاف أحد أبنائها.آخر حصاد الطائرات القاتلة التي تطير من دون طيار، كانت يوم أول أمس في اليمن، حيث استهدفت ما يشك بأنهم مسلحون ينتمون لتنظيم القاعدة، فيما قُتل مدنيون أبرياء هم عمال ذهبوا للبحث عن لقمة عيشهم، فاستهدفتهم طائرة يتم توجيهها من مراكز تحكم في القواعد الأمريكية المنتشرة حول العالم، أو من على سطح المدمرات البحرية ضمن أساطيل القوة البحرية وحاملات الطائرات في بحر العرب أو أي بحر يجاور مصالح واشنطن، فيما لا تبحث الولايات المتحدة عن أولئك الأبرياء أو عائلاتهم لتعويضهم، أو تعزيتهم والاعتذار منهم على الأقل، ولكن هذه السلالة من البشر هي لا تغدو بنظر الغرب الرسمي المتمدن أكثر من طرائد يسمح قتلها بسهولة لأي متدرب أو هاو ٍ يرغب في رحلة سفاري لصيد ممتع.ورغم تصويت البرلمان اليمني نهاية العام المنصرم على قرار يلزم الحكومة اليمنية منع السماح للطائرات الأمريكية من دون الطيران فوق الأراضي اليمنية أو اختراق سيادة الأراضي اليمنية، إلا أن سيادة اليمن وحكومته وبرلمانه والشعب كله لم يكن سوى ضغث حلم لا يمكن أخذه على محمل الجد من قبل القوات الأمريكية فنفذت الغارة رقم 67 أهداف مشتبه بها، وقتلت من قتلت لتبادر وزارة الدفاع اليمنية بإصدار بيان يؤكد مقتل مجموعة من أتباع تنظيم القاعدة، ولكن ألم يخطر على بال أحد من المسؤولين هناك أن الحرب الصامتة ضد الإرهاب في اليمن استمرت أكثر من الحرب العراقية الإيرانية، ومن مشروع الحرب الأمريكية ضد ما أسمته الإرهاب في أفغانستان وجماعة القاعدة وطالبان، ومن احتلال العراق من قبل القوات الغربية بزعامة أمريكا طبعا وبدعم من كل حلفائها، ثم لم تهدأ اليمن من القلاقل الداخلية والعابرة لها حتى بعد الإطاحة بالرئيس صالح.بنظرة بسيطة نرى أنه لم يبق على وجه هذه الكرة الأرضية شعب ولا أمة ولا أفراد يتعرضون للقتل العشوائي،أو القتل بالجملة سوى الشعوب العربية أو الأفراد المسلمين، ذلك أنهم أصبحوا أهدافا سهلة للقتل من قبل أي جهة تدعي حفاظها على السلم العالمي أو محاربة الإرهاب أو مواجهة المتطرفين، لذلك نجد أن جيش الولايات المتحدة العظيم لا يترفع عن مطاردة سيارة تحمل ثلاثة أشخاص أو أقل أو أكثر في جبال اليمن أو أودية أفغانستان أو سهول الباكستان، بعد رحلة صيد بشري طويلة قضتها في العراق الذي طُبخ على نار حامية لتتسلمه إيران وأعوانها وعملاؤها مثل كعكة شهية لا يشاركها أحد بها كما نراه اليوم.ومثل جيش أمريكا فعلت فرنسا، التي أرسلت جيوشها للقتال في مالي، ودون انتظار قوات الاتحاد الإفريقي دون أي تغطية إعلامية عالمية أو عربية تذكر، ولا حتى اعتراض من أحد، فقتلت الكثير من الأهداف البشرية وطاردت جماعات الجهاد الإسلامية دون أن يعترض على مهماتها أي من أعضاء مؤتمر القمة الإسلامية الذين يشكلون وشعوبهم أكثر من ثلث سكان الكرة الأرضية، ولم تخرج دولة عربية واحدة لتعترض على ما يجري في اليمن، فالكل مطأطئ رأسه بدعوى مكافحة الإرهاب، ذلك العنوان الذي اجترحه الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن دون تحديد أو توضيح لمصطلحات الإرهاب أو تهديد الأمن القومي أو من هو الإرهابي ومن يهدد من، وما هي أسبابه.على اليمنيين الرسميين أن يبادروا إلى عملية إصلاح واسعة يتنازل فيها من تحجروا على مقاعدهم لصالح الجيل الجديد، ليمكن التفاؤل بالخلاص، وقبل أي مهمة يجب إصلاح الجيش اليمني وإعادة تنظيمه على أساس جيش الدولة لا جيش القبائل، ليستطيع مواجهة الجماعات المتطرفة التي يشكو منها، ووضع حد لجماعة الحوثيين وأي تنظيم آخر كالقاعدة أو العصابات العادية، دون وضع المواطن البسيط هدفا سهلا للقتل غير المبرر عبر الطائرات الأمريكية الصامتة. إن المواطن العربي يتساءل محبطا عن موعد بزوغ فجر جديد يجد نفسه وقد أصبح ذا قيمة إنسانية على الأقل مثل أي شعب في العالم، تحميه دولته وحكومته وجيشه، لا أن يقتله كل أولئك باسم حماية الوطن، أو الاستعانة بجيش أمريكا العظمى أو حلفائها لمطاردة أبناء جلدتهم، وتدمير البنية الاقتصادية وتمزيق النسيج الاجتماعي بشكل ممنهج لخدمة مصالح فئة أو أشخاص لا يستحقون أن يكونوا خدما للمواطن المعدم الحالم بغد أفضل بعيدا عن مطاردة السلطات أو استهداف الطائرات.