17 سبتمبر 2025

تسجيل

مرتزقة سيبرنتيون... في خاصرة الدول

22 أبريل 2013

لست أعني بها هنا القرصنة... بل أعني بها الانتحال المتعمد والتجنيد السيبرنتي. تلقيت يوما ما اتصالا من خبير قانوني لمكتب وزير إحدى وزارات الدولة شكرني على جهودي في المقالات وبلغني تحية الوزير ثم سأل: هل حساب.........على تويتر لك؟ وكان اسما مستعارا بدون تعريف باسم صاحبه او هويته. قلت: لا...و ليس لي سوى حساب واحد معرف باسمي واللقب الأدبي الذي يحمله عنوان عمودي هذا وهو مداد القلم وهو حسابي الوحيد. قال: غريبة؟ عندما سألنا عن صاحب الحساب قيل لنا انه لكِ. شكرته على سؤاله واهتمامه وتحري الدقة وتنويهي الى المنتحلين مكررة انني لا املك سوى هذا الحساب الذي اعتد به مدادا مباشرا. اورد هذه المقدمة كنموذج لما يحدث من فوضى اعلامية مدسوسة في شأن الأفراد أو للتطاول على مؤسسات فما بالنا فيما يحدث في شأن الدول وما يتبعه من آفات وتبعات واختراقات جسيمة التي أدى اليها افتقاد النظم والمعايير التأطيرية العامة في ادوات التواصل الاجتماعي التي تسجل حسابا جديدا لأي شخص فقط بمجرد وضع حساب ايميل قد يكون هذا الايميل باسم مستعار ايضا، فتفتقر آلياته الى معايير مهنية وقانونية لمتابعة، محاسبية او قضائية لأي انتهاكات مرفوضة عرفيا وقانونيا ودوليا والتي تشكل في حد ذاتها انتهاكات يصعب كشفها حتى على مؤسسات ومجالس الاتصالات في مختلف الدول خصوصا اذا ما مست الأمن القومي. يتشدق "المرتزقة " بمسميات رمزية او حسابات وهمية، تتبعها تجاوزات أشد فتكا تتمثل في انتحال البعض لشخصيات آخرين اما بالتسمية أو بالإيهام أو باستخدام رمز او اسم عائلات بذاتها لتكتفي وسائل التواصل في العلن بالنزر اليسير المضلل الذي يجعل فلانا فلانا آخر اسما وقبيلة ودولةً... ويجعل من يتواصل معه يظنه وموطنه عكس ما يظهره فيتعامل مع التخفي بافرازات كراهية او حقد، سب وقذف او تطاول على افراد او جهات او دول فتتفاقم الخلافات وتبرز ظواهر وافرازات سلبية اثرت ولا تزال تؤثر على المجتمع اجتماعيا وسياسيا وأمنيا والأخيرة أخطرها والذي بدا واضحا الآن أكثر من ذي قبل والذي أطلق عليه إما عصابات مدسوسة بين الدول، أو تجنيد إجباري لـ"لمرتزقة دول". نشر موقع إذاعة "موزاييك" التونسية يوم الجمعة 12 ابريل عن إطلاق حملة التطاول على قطر في الفيس بوك وبعدها بيومين 14 ابريل أوردت صحيفة "Giornale il Referendum" الإيطالية تقريرا صحفيا لـ Valeria Vellucci بعنوان "الانونيموس اعلنوا ان الهجوم السيبيري المقبل سيكون على قطر". والغريب كما اوردت الصحيفة أن هذا الإعلان أتى ايضا على صفحة "الفيس بوك" التابعة للمجموعة في تونس. اما "مرتزقة "دول أخرى شقيقة اطلقوا عيارهم وألسنتهم....فيكفي ان نرى الضجة التويترية وقد حولت فضاء تويتر من عصفورة بريئة الى غربان تنعق.... الهجمة السيبرنتية هذه تعد غريبة.... ونحن نؤمن بأن الوسائل الإعلامية حرّة فإننا نجزم بأن السب والقذف لا يدخل في باب الحريات ابدا، فلا بد ان يعلم مقدّمو الخدمات اولا ومن ثمّ المستخدمون أن الحرية "السيبرنتية" لا تعني في قاموس الشركات الاتصالية تسييس الوسائل والأفراد وتعمية مواثيقها المهنية لبث الفرقة والعداوة كما انها لا تعني في قاموس الأفراد التضليل والانتحال لغايات التهجّم. أذكر أنه في بداية انتشار الفيس بوك منع البنتاجون أفراد الجيش الأمريكي والعاملين فيه من الدخول على حسابات الفيس بوك من خلال أجهزة الحاسب في المبنى "الخماسي" ومن خلال سيرفراته "المضيف" والذريعة انها وسائل غير آمنة. الحذر السابق ورد من خلال دولة هي ذاتها من تحتضن مبتكر كل من الفيس بوك وتويتر وشركاتهما وهذا ما يشكل مدعاة للآخرين في المؤسسات الحكومية في دولنا الى الانتباه ليس فقط في هذه الوسائل بل حتى من نشر اية معلومات عبر البريد الإلكتروني في "سيرفرات" الدول الأم التي يسهل اختراقها، هذا مع ضرورة تعزيز آليات ضد القرصنة السيبرنتية للسيرفرات الرئيسة الخاصة بكل مؤسسة في دولتها في عالم مجنون ومحموم. طفح فيه الكيد السياسي والتأليب وبث الفتن بين شعوب الوطن الواحد وشعوب دول ودول اخرى في مخالفة صريحة للمنظومات الدولية الخاصة بالحقوق تحت قبة الأمم المتحدة. ننتظر إذا استنادا وبأمر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وبأمر العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية اللذين وقعت أكثر دول العالم عليهما أن يسن تنظيم ملزم اولا وقبل كل شيء لشركات التواصل الاجتماعي المتعددة في "دول المنشأ" نفسها لوضع معايير ملزمة في تسجيل الأفراد تتضمن المعلومات الرئيسة عن الشخص وعنوانه وموطنه، ومن ثمّ وضع معايير "الوثيقة المهنية الخاصة بكل شركة" تماما كما جرى العرف في الإعلام التقليدي وما استجد منه مؤخرا في البث الفضائي. فالعالم يمر بصياغة جديدة للإعلام والحريات التي يجب ان تؤطر وفقا لهوية الشخص المعرفة، لا بتعزيز الغموض والتعتيم والانتحال كما الآن لأنها ستكون عندئذ تعد مسارات بل أدوات متعمدة لخلق الفوضى في المجتمعات. ومن ثم متى ما حفظت هوية الأطر العامة فلتكن الحرية مذيلة بها واي اختراق بعد ذلك فإنه يعامل معاملة القرصنة الدولية مثله مثل اي قرصنة اخرى لها أطرها وعقوباتها الرادعة بحريا وجويا. العارف لا يعرف كما يقولون ولكننا نذكر بأن الإعــلان العـالمي لحقـوق الإنسان نص في المادة 19منه على ان: "لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، اعتناق الآراء واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية." كما ان العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ليس وثيقة شكلية فقط تقرع بها الدول على أيديها تأنيبا على التوقيع من عدمه ففي "المادة 19 تنص على ذات الحق ولكنها تؤكد على الواجبات والمسؤوليات الخاصة التي تسمى قيودا ضرورية: (أ) لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم، (ب) لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة." بل وزادت المادة 20 منه بالنص على: "تحظر بالقانون أية دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف." إن ما يحدث يا أمم يا متحدة هو عين هذا المحظور وهذه القيود فأين أممكم التي هرمت عن تأطير أدوات جعلت العالم حلبة مصارعة كبرى؟ الأمم المتحدة ملزمة ان تتحرك وفقا لأدواتها القانونية لإجبار شركات التواصل الاجتماعي على ضرورة التقيد بأطر تسجيل هوية الأفراد و"بمواثيق المهنة" وبما جاء في الاتفاقيات الدولية لأنها جزء من حق الأفراد والشعوب والدول ضد الانتهاكات للحريات والخصوصيات وآفة "شريعة الغاب". أما التباطؤ في وضعها فلا يمكن تفسير ه إلا باثنين: إما الفشل، أو الترك المتعمد للحبل على الغارب للتجييش والتسييس وبث الفوضى.