14 سبتمبر 2025
تسجيلتتعرض جامعة الدول العربية لحملة ظالمة من الكثير من أصحاب الرأي ومعظم القيادات العربية، تنديدا بسلوكها وعجزها عن تحقيق طموحات وآمال الأمة العربية حتى بدا للوهلة الأولى بأن الجامعة العربية شخصية مستقلة عن شخصية الدول العربية وسيادتها، وأنها تملك إرادة مستقلة عن إرادة القيادات العربية، أضيف إلى التنديد بالجامعة فشل الحكام العرب في حل خلافاتهم ونزاعاتهم الشخصية والقطرية وحملت بها جامعة الدول العربية وكأنها صاحبة سيادة قادرة على فرض الحلول وفض المنازعات، وتضافرت كل هذه الأسباب في استهانة المواطن العربي بالجامعة والتقليل من شأنها، لأنها فشلت عن تحقيق طموحاته وحل نزاعات حكام هذه الأمة التي أمطرونا عند التأسيس في النصف الثاني من أربعينات القرن الماضي بحملة إعلامية تعظم من دور هذه الجامعة بأنها مؤسسة لتوحيد الأمة العربية، وقد سميت تلك المشاورات التي عقدت في الإسكندرية بأنها " مشاورات الوحدة العربية ". لكن المواطن العربي أصيب بخيبة أمل عندما قرأ نصوص وثيقة التأسيس " الميثاق " واكتشف بأن هذه الجامعة ليست لهم وأنها لن تحقق طموحاتهم أنها عهد بين الحكام العرب وليس عهدا من أجل وحدة الأمة وتقوية مكانتهم على الساحة الدولية. (2) مع مرور الأعوام تكاثرت الدول العربية وأصبح أعضاء هذه الجامعة 22 دولة، وقد يتزايد العدد في الأعوام القادمة، وذلك لفشل الحكام العرب في تعميق مفاهيم الوحدة العربية في مناهج التعليم وسلوك الحكام العرب. لقد جرت محاولات ومابرحت تجري تلك المحاولات لإصلاح جامعة الدول العربية تشمل هيكلية تلك الجامعة وميثاقها وسلوك قادتها (المجلس الأعلى)، لكن كل تلك الجهود يتضح أنها ليست جادة لأن القادة ليسوا جادين في إصلاح ما بينهم من تناقضات مما يدفع بهذه الجامعة لتحلق في معراج المنظمات الإقليمية والدولية الفاعلة. لن أسهب في سرد العثرات التي وقعت فيها جامعة الدول العربية والتي يتحمل مسؤولية تلك العثرات النظام العربي القائم، وليس هذا مقام النقد والتحليل لما فعلت وتفعل الجامعة خلال الـ65 عاما الماضية. (3) ما يهمني اليوم هو النظر إلى منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية بعد أن أعلن السيد عمرو موسى عزمه على عدم رغبته في التجديد لفترة ثالثة لأنه يتطلع لدور أكبر يؤديه على المستوى المصري. وبناء على مشاريع متعددة صدرت من عدد من الدول الأعضاء تطالب بتدوير مركز الأمين العام بين الدول الأعضاء وهو أمر محبب لكل الدول العربية عدا الشقيقة مصر التي تصر على أن يكون الأمين العام من دولة المقر كما جرت عليه العادة منذ التأسيس عام 1945 م وحتى اليوم، إلا عندما انتقلت الجامعة العربية إلى خارج مصر فقدت الأخيرة هذا المنصب وعاد إليها بعد عودة الجامعة إلى القاهرة. اليوم هناك مطالبة جادة من معظم الدول الأعضاء في الجامعة بأن يكون مركز الأمين العام لفترة محددة قابلة للتجديد لفترة أخرى بإجماع الدول الأعضاء، ثم ينتقل المنصب لدولة أخرى طبقا لتلك القاعدة آنفة الذكر. الرأي عندي أن يقسم العالم العربي إلى أربع مناطق هي،(دول مجلس التعاون الخليجي + اليمن)، المجموعة الثانية (السودان + الدول العربية في القرن الإفريقي)، المجموعة الثالثة (العراق + سوريا + الأردن + لبنان + فلسطين)، والمجموعة الرابعة تضم الدول العربية في شمال إفريقيا وتضم (مصر وليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا) على أن تجري هذه الدول ترشيح أحد دول المجموعة ، على أن يكون هناك تناوب بين المجموعات بمعنى، أن هذا العام لدولة قطر من المجموعة الأولى، على أن تتولى مجموعة القرن الإفريقي الدورة الثانية ما لم يجدد للأمين العام (قطر مثلا) وهكذا تسير الأمور. (4) في الوضع القائم تقدمت دولة قطر بمرشحها سعادة السيد عبدالرحمن العطية وهو يملك من المؤهلات والخبرات والمهارات ما يجعله أهلا لذلك المنصب، يضاف إلى منصب العطية دافعية الدولة القطرية النشطة في المجال الدولي والعربي لإنجاح سياسات مرشحها للنهوض بالجامعة وتطوير هيكلها وميثاقها والتوفيق بين سياسات أعضاء المجلس الأعلى (الحكام) بهدف النهوض بالجامعة العربية. السيد العطية ليس عليه خلاف لا داخليا على المستوى القطري، ولا خارجيا سواء على صعيد المجتمع العربي أو الدولي فهو شخصية معروفة في المسرح السياسي العربي والدولي وعلى ذلك فإنه الشخص المناسب في هذه الظروف الصعبة. الدكتور مصطفى الفقي المرشح لمنصب الأمين العام للجامعة من القيادة المصرية وهو صديق أعزه وأحترمه رغم خلافنا في قضايا سياسية عربية ودولية عبرت عنها في أكثر من وسيلة إعلامية ومنتديات فكرية كنا شركاء في تلك المنتديات، وهو جدير بهذا المركز، لكن يعتور طريقه للوصول إلى هذا المنصب عددا من العقبات من أهمها المطالبة الفعلية من الكثير من الدول الأعضاء بتدوير المنصب بينهم حسب توزيع جغرافي أو حسب الأحرف الأبجدية، الأمر الثاني أن عليه خلافا في داخل مصر سواء بين طبقات المثقفين أو حتى صناع القرار بوصفه أحد أركان النظام المخلوع (حسني مبارك)، ولكون جمهورية مصر العربية تمر هذه الأيام بمرحلة إعادة صياغة لعلاقاتها مع محيطها العربي وكذلك المجتمع الدولي فإنها محتاجة إلى وقت لإعادة التقاط أنفاسها بعد الثورة الشعبية التي أطاحت بأظلم عصر مر في تاريخها المعاصر وليتفرغ أبناء مصر لإعادة البناء واستعادة الدور بعد تصحيح المسار الذي حاد بها عن دورها التاريخي، من هنا فإن قبول ترشيح قطر لمنصب الأمانة العامة يصب في صالح مصر أولا، وثانيا تكون الخطوة الأولى نحو إصلاح جامعة الدول العربية. آخر القول: مصر محتاجة إلى كل كوادرها الوطنية لاستعادة دورها التاريخي بإصلاح ما أفسده حسني مبارك المخلوع داخليا وخارجيا، دون الانشغال بالبحث عن مراكز في منظمات إقليمية أو دولية. وفق الله مصر لإعادة البناء ووفق الله العطية لنيل المنصب الجديد المرشح له.