16 سبتمبر 2025
تسجيلبعد ساعات سيهل علينا شهر فضيل، شهر ننتظره كل عام، يدخل البهجة في القلوب ويعطي طعما مختلفا للعبادة وإحساسا بصدق الإيمان والتوكل على الله سبحانه وتعالى وفرصة لتجمع الأهل والأصدقاء وسط شعور مختلف مليء بالمحبة والمودة، إنه شهر رمضان المبارك. هذا الشهر الذي كتب الله عز وجل فيه الصيام وحث على القيام فيه، والصوم هو العبادة الوحيدة لله التي يجزي بها الله لأنها مخفية لا يطلع عليها أحد إلا الله، حيث جاء في حديث قدسي عن أبي هريرة رضى الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به). إذًا الصوم يعني أن يقوم به المسلم على أكمل وجه، فهو صيام عن الطعام والشراب ومنه صيام عن كل ما يغضب الله ورسوله، عن القول الفاحش، عن المشاحنات، عن الغضب، وفي نفس الوقت وجوب التسامح والتآلف بين الناس وغض النظر عن توافه الأمور. فما أجمل أن يهل شهر رمضان على كل منزل ليس فيه أحد مخاصم أخاه أو أخته ولا زوج مخاصم زوجته ولا أم غاضبة على أبنائها ولا جار متشاحن مع جاره، ولا أب رافض مقابلة أبنائه. ما أروع تلك الجلسة الحلوة بعد الفطور والكل الابتسامة والضحكة من القلب على الوجوه وفرحة الصغار لهذه اللمة السعيدة التي تجسدها حفيدتي التي تحرص على التواجد في أول يوم على الفطور مع أمي في بيتنا القديم، حيث روح المودة والحب وحنان الجدة وترفض أي إغراءات قد تجبرها على عدم الذهاب، فسعادتها دوم في (بيت أمي شيخة) حتى يوم العيد. نعم هذه الأحاسيس والمشاعر لابد أن نغرسها في نفوس أطفالنا لتظل صلة الرحم ومحبة كبار السن في نفوسهم. ولكن قد تكون هناك بيوت يغشاها الحزن والألم لفقدانها أحبابا كانوا معها في العام الماضي وطوتهم المنية وافتقدهم الأهل ولكن بقوة الإيمان إن الموت حق وكأس كل ذائق شرابه سوف يمسح غشاوة الحزن ويتأمل أن يكون هؤلاء الأحباب في جنات النعيم ينعمون بظلالها ومتعها وإننا بإذن الله سنلتقي معهم. نأمل أن يكون هذا الشهر شهرا نستثمر فيه أوقاتنا بشكل جيد ما بين الاستمتاع بصحبة الأهل والأحباب وبين الإقبال على العبادة وتعويض ما فاتنا وقراءة كتاب الله وتدبر آياته والعمل على الاستفادة من الوقت بما يفيد والبعد عما يبث في القنوات التلفزيونية ووسائل التواصل الاجتماعي الذي قد يلهينا عن بهجة هذا الشهر، فقد بذل شياطين الإنس كل جهودهم لعرض الغث والسمين ليعوضوا سجن وتقييد شياطين الجن. عسى أن يكون شهرا مباركا على الجميع وأن يتسامح كل مع الآخر وكل عام وأنتم بخير.