20 سبتمبر 2025
تسجيلأثبت السوريون في الذكرى الحادية عشرة للثورة السورية، وهي التي بدأت تدخل عامها الثاني عشر بأنهم أكثر مضاءً، وأكثر قدرة وتعبئة وحشداً على المواصلة رغم الخذلان العالمي الذي تعرّضوا له على مدار السنوات الماضية، وعلى الرغم من جهود الكثيرين للتطبيع مع النظام السوري، فقد تدفق عشرات الآلاف إلى ساحة السبع بحرات وسط مدينة إدلب التي يُنظر إليها اليوم على أنها قلعة الثورة وعاصمتها، بعد أن استقطبت أكثر من أربعة ملايين شخص، معظمهم من المشردين الذين تشرّدوا نتيجة جرائم الاحتلال والنظام، ومثل هؤلاء لن ينسوا تهجيرهم وقتل أحبائهم. في ساحة السبع بحرات، للمكان عبقريته، وخاصيته وأهميته، ففي عام 1970 يوم كان الرئيس السابق حافظ الأسد يطوف على المحافظات السورية، كسباً للشرعية، من خلال الحشد الجماهيري، قذفه المجتمعون يومها بالحذاء والبندورة، وعلى بعد أمتار من نفس المكان كان آباء وأجداد من قذفوه يلقون بالقائممقام الفرنسي دوفيلتري من نافذة الطابق الثاني للسراي الحكومي، رفضاً للمحتل الفرنسي بعد أن أطلقوا عليه النار وأوجعوه ضرباً، ولكماً... اليوم تُجدد إدلب ولكن هذه المرة على امتداد سوريا كلها، حيث يطلق عليها الكثيرون "سوريا المصغرة" لوجود المشردين ومن كل المحافظات السورية فيها، العهد نفسه، فقد شارك عشرات الآلاف من المتظاهرين في هذه المناسبة، إحياءً لذكرى الثورة، وقد رفعت كل بلده ومنطقة وقرية في المظاهرات الحاشدة لافتة تحيي ذكرى شهدائها، وذكرى معتقليها، ومع صدْح الحناجر بالهتافات والشعارات، التي لم تتغير عن اليوم الأول للثورة عام 2011، شعر المتظاهرون ومن تابعوهم على الشاشات ومنصات التواصل الاجتماعي، أن الثورة قد بدأت من جديد، فالمطالب هي المطالب، والشعارات هي ذاتها، وهو ما أنعش الدورة الدموية العدائية مع الاحتلال والنظام من جديد، وأحيا الأمل لدى المشردين بإصرار وعزم السوريين على المواصلة. يأمل السوريون من خلال هذه المظاهرات الشعبية، بأن تنتقل وتسري روح الثورة إلى الجيل الجديد الذي ربما يجهل أسباب الثورة، ولذا كانت الطبقة الشبابية في المظاهرات حاضرة بقوة، وهي التي لم تكن أعمارها يوم خروج الثورة تزيد عن العشر سنوات، مما زاد من ثقة وأمل الأكبر سناً، في أن روح الثورة تسري، وتمضي حتى بين الأجيال الجديدة، فتزيد بذلك الأكلاف والأثمان على المحتل وعلى النظام الحاكم المصر على مواصلة معركته العبثية. كانت الأمسيات الشعرية قد أقيمت في كل مكان من أجل إحياء الثورة، وشهدائها، فضلاً عن المؤتمرات، والمظاهرات التي عمّت البلدات والمناطق البعيدة، وحتى المخيمات، مما وحّد الثوار يوم رفعوا علم الثورة السورية في كل المظاهرات، واختفت معه كل الرايات الفصائلية الأخرى، مما زاد ثقة الشعب بثورته، وبقدرته على التوحد. ينظر السوريون في الشمال السوري المحرر إلى ثورتهم من خلال المرآة الأوكرانية فما أُهمل وتُجوهل من تغطيات للثورة السورية، والجرائم التي تعرضت لها، يتم تغطيته اليوم في الأحداث الأوكرانية، مما جعل الثورة السورية وما تعرضت له خلال أحد عشر عاماً تتراءى اليوم فيما يرتكب في أوكرانيا من قصف للمشافي والمدارس والمساكن والأسواق والبنى التحتية، وبالتالي غدت الثورة السورية التي تعرضت لنفس التدمير الممنهج منصة إيضاح، حين يتم مقارنة التدمير الحاصل في أوكرانيا بالتدمير الذي سبق وحصل في المدن السورية. يأمل السوريون بانشغال روسيا في أوكرانيا، وخصوصاً مع نقله قوات النخب التابعة للنظام السوري إلى مسرح عمليات أوكرانيا، فضلاً عما يتردد عن نقل معداته وقدراته العسكرية، مما سيوفر ذلك كله فرصة عسكرية قد لا تفوّت على الثوار في التقدم، وتحرير بلدهم من الاحتلال الاجنبي فضلاً عن احتلال داخلي ممثلاً بالنظام السوري، ولعل أكبر ما يتجلى من انعكاسات الحرب الأوكرانية في سوريا، هو غياب قصف المحتلين على المدن والبلدات السورية الآمنة في الشمال المحرر اليوم.