20 سبتمبر 2025

تسجيل

مجتمع «العرائس»

22 مارس 2021

في مسرح «العرائس» المحرك مستتر، تتفاعل الناس مع حركة العرائس فترسل الضحكات والقبلات، ثم ينتهي العرض، ولا يعرف الجمهور من كان يحرك هذه العرائس، فليس ذلك مهماً، المهم هو الاستعراض، بهذه الطريقة تجرى تثقيف مجتمعاتنا، على طريقة مسرح»العرائس». كل شىء مُعد سلفاً، يرى المجتمع عرائس في كل مكان، في المكتب، في أماكن العمل، في المسرح، تقام مهرجانات العرائس، واحتفالات العرائس، مسرح العرائس هذا يخفي خلفه خيوطا تحريك المجتمع. البرامج التلفزيونية العربية تقدم أيضا مسرح عرائس بشرية حية، تحركها أيضا خيوط من خلف الستار، مجتمع العرائس هذا مجتمع استعراض، كل شىء فيه يصبح عرضا تلفزيونيا، مسرح العرائس الذي أنشأته الدولة العربية، مجتمع صورة، لا يتحدث هي تتحدث باسمه، الصورة فيه هي اللغة الأكثر شهرة وجماهيرية لدى الشعوب. جاءت وسائل الاتصال المجتمعي الحديثة لتوسع من مساحة مسرح الدمى وتضيف إلى الخيوط التي تحركها بعداً تقنياً يخاطب العقل أيضا وليس فقط حركة الجسم. العرائس تعطي انطباعاً للجمهور بأنّ من ترونهم من السياسيين ليسوا سوى مجرّد دمى في أيدي قوى أكبر. فكرة مسرح العرائس فكرة دينية كنسية لتعرف الأطفال طقوس ديانتهم لكنها أصبحت فكرة سياسية بعد ذلك ولها برامج شعبية في الغرب، حيث يظهر رئيس الحكومة والوزراء والمسؤولون على شكل دمى أمام الجمهور، لكن الفرق بين مسرح العرائس العربي ومسرح الدمى الغربي في أن الأول يدرك أنه طالما كان في موقع المسؤولية فهو دائماً موضوع للنقد وربما السخرية، بينما في مسرحنا العربي العرائس مجرد رموز تحتاج إلى من يفك شفرتها ويؤولها وفي الأغلب يتم ذلك بعد أن تكون قد غادرت مسرح الواقع، لتصبح في مفهوم الدين»غيبة» أكثر من كونها نقدا هادفا يحتاجه المجتمع. [email protected]