12 سبتمبر 2025

تسجيل

جنازة وطن

22 مارس 2021

الحجر الأول والأكبر الذي قد أُرشق به هو رأيي في عشرات المنشورات والندوات والبرامج والقصص الإخبارية التي ليس لديها حديث آخر سوى المرأة. دور المرأة في صناعة الهوية والعمل والتعليم. دور المرأة في الأسرة، يوم الأم، اليوم العالمي للمرأة، دور المرأة في زمن كوفيد-19، دور المرأة في الفضاء، دور المرأة السوداء في المجتمعات البيضاء. عندما أقرأ هذه العناوين أشعرُ أنّي مخلوق غريب تم اكتشافه حديثًا. مخلوق تُجرى عليه التجارب ويستغلّه كلّ عاجز عن المساهمة في هذه الحياة بأي قضية أخرى. خذ على سبيل المثال، يتعاطفون مع اليوم العالمي لسرطان الثدي، ويتناسون اليوم العالمي لسرطان البروستات مع أن الخبيث نفسه. أيها الرجل، أدعوك لاستجماع شجاعتك والتعبير عن رأيك لأن الكثير من النساء ستُطالبنا قريبًا بطردك من الكوكب وإرغامك على كتابة تعهّد بعدم الاقتراب من الأرض، ورغم ذلك سيتوجب عليكَ أن تُرسل لنا الورود ولو كُنت في عطارد بمناسبة يوم ميلادنا، ويوم الشجرة -لأنها مؤنث- وبالطبع يوم الحبّ. حبّ الأمّ لا يُقدّر ولا يوصف بكلمات، ولكن ليس كلّ أمّ. فهناك من أنجبت ورمت، ثم أنجبت وباعت، وأنجبت وقتلت. ليس كلّ أم تستحق التحيّة. وحدها فقط من ربّت، تعبت وخافت، حنّت وحضنت، أنصتت وأعطت، ابتسمت وبكت، وشعرت بمسؤولية تربية إنسان، فنقلت إليه أمانة الحفاظ على الحياة والسعي في الأرض بما فيه الخير للبشرية دون منّة. هذه الأمّ التي ننحني أَمامها ونُقبّل يديها ونتعلّم منها الصبر، والحكمة، والوقوف أعزّاء أمام كلّ لحظة نشعر فيها بالتعب والوهن والقلق من المستقبل. مستقبل لبنان ومصيره مجهول هذا ما صرّح به وزير الداخلية اللبناني محمد فهمي مؤخرًا، معتبرًا أن الحلّ يكمن في تشكيل حكومة إنقاذ وإلاّ فالجميع يشارك في دفن لبنان. وفي هذا المقام، نسأل المسؤولين في لبنان: هل اتفقتم على هوية الصلاة التي ستتلونها على جثمان الوطن؟ من سيُصلّي على الفقيد، رجل الدين السنّي، الشيعي، الماروني، الأرثوذكسي، الدرزي.. هل سنتلو 18 صلاة بحسب طوائفكم. ربّما ستحرقون جثة وطننا وتبيعونها رماداً تذكارًا للمغتربين فقد شهدنا بيع تراب بيروت وشبابيكها الممزوجة بالدم بعد انفجار المرفأ. نسألكم بالله -إذا عرفتموه يومًا بضمائركم- ألّا تظهروا في جنازة الوطن.. إكرامًا للوطن. من لبنان إلى العراق، حيث تظهر السيدة رغد صدّام حسين بقوّة على الساحة الإعلامية في الآونة الأخيرة بعد طول غياب، موجهةً رسالة صوتية في الذكرى الـ18 للحرب الأمريكية على العراق، قالت فيها "العراق راجع بإذن الله وبقوة، وكما نطمح بهمة الأبطال". في هذه الجملة كلمتان "القوّة والأبطال" تصلحان لنشيد جديد سيُكتب باللغة الأمريكية ومن ثم سيُترجم للغة العربية. حتى ذلك الوقت استمتعوا بالفيلم المعروض حاليًا بعنوان "الأميرة النائمة". النائمون في منازلهم سئموا من القيود، مع اندلاع تظاهرات في لندن وأمستردام احتجاجًا على حظر التجوّل بسبب كوفيد-19، ورغم المخاطر الصحية التي تنطوي عليها هذه الاحتجاجات إلّا أنها تبعث الأمل بأن إرادة الإنسان وفطرته بالعودة إلى الحياة الطبيعية ستكون أقوى من الفيروس وأشرس من أي مؤامرة عالمية. عالميًا البورصة تهتزّ وتتسبب بخسارة أغنى 10 أشخاص في العالم، حيث هبطت ثروتهم بمبلغ 23.5 مليار دولار في يوم واحد، أي 960 مليون دولار في الساعة. لكنّ محبي موقع "أمازون" تنفسوا الصعداء لأن "جيف بيزوس" ما زال في المركز الأول. بدأ بمتجر الكتروني لبيع الكتب وأصبح يبيع "ليجينيج" لشدّ البطن والخصر، الرزق يحبّ المرونة والليونة. الدبلوماسية الليّنة غابت عن أول اجتماع في عهد بايدن بين مسؤولين أمريكيين ونظرائهم الصينيين، إذ تبادل الطرفان انتقادات لاذعة، حتى وصل الأمر بالطلب من الصحفيين مغادرة قاعة المفاوضات. الاتهامات المتبادلة تضمنت القرصنة السيبرانية، وقضية تايوان، وإدارة أزمة تفشي كورونا الصحية.. من المتوقع أن يعقب نقاش القوى العظمى ضغوطات على الحلفاء، والبضائع التجارية هي السلاح فلمن ستكون الغلبة "صنع في الصين" أم "صُنع في الولايات المتحدة الأمريكية"؟