14 سبتمبر 2025

تسجيل

ذكريات الأمس.. وأخيراً تبددت !

22 مارس 2015

في ليلة ما وقع حائط الغفلة على جبيني فتحطمت ذكريات الأمس، لا أريد أن أحزن في هذا الوقت.. أرجوك يا كتبي خبئيني عن حزني قليلا، حياتي متوقفة عن الكلام، ربما هي صماء وبكماء، اللعنة لا أريد أن أحزن ! في تلك الليلة كانت السماء ممطرة فرائحة المطر أصبحت في مخيلتي كعطر فرنسي.. أضأت إنارة واحدة وأشعلت التلفاز لأشاهد فيلما كويتيا قديما ذيل عنوانه ب ( بس يا بحر ) ظهرت فيه الفنانة حياة الفهد بمشهد امرأة مسنة تجلس بملابس رثة وهي تغسل أوانيها وابنها يطلب منها أن يعمل في ( الغوص ) امتلأ جوفي بالأبيض والأسود كلون الفيلم الذي أعادني إلى عالم آخر.. بسيط.. طاهر.. فلوثته الحياة العصرية ببؤسها، في تلك الليلة أنزلت على نجوم المساء ورق البردى لأنقش عليه بقايا تكهنات العمر، وأشعل الحطب بالنار لأحرق بها ذكريات الأمس، كنت أتساءل وقتها هل الحياة تغيرت أم نحن من تغيرنا وتبلدت في أنفسنا المشاعر، نقطة سوداء التصقت على الأرض ومعظم الناس حولها في حين ضوء القمر يشع نوره فيبحث عنه القليلون، ربما هذا هو اختصار الحياة وقد تكون مجرد تكهنات كتبها قلمي في ليلة لا يوجد بها سوى المطر .أدراجي أغلقتها بإحكام لكيلا تتسلل منها ورقة أوعلبة عطر فارغة احتفظت بها كذكرى من ذكريات الأمس، كم أردتها أن تتبدد.. أن تذوب.. أن تطير في السماء.. أن ترحل بتذكرة ذهاب دون عودة.. دون أن تعود إلي محملة برسائل ديسمبر.. تلك التي تسير في أوردتي منذ سنين، في تلك الليلة قضمت حروفي بدلا من أظافري والتفكير يدور حول ذكريات الأمس التي تحترق وتعلوها الأدخنة وتفكيري يصرخ "أبراكادابرا " ربما يخرج منها شيطان أعرج، صحيح ! لقد نسيت أن أحرق صديقي الودود "الهم " وسط الذكريات وعلى رأسه مبدأ "رضينا بالهم والهم مارضي فينا "، أتذكر ذات يوم سمعته.. بل سمعته مرارا وكلما تم ترديده تراقصت أمامي الشحنات السلبية ذات الجسد المائل على أغنية مجهولة الهوية.أعتقد أن قلمي بدأ يهلوس أو أنه قد انتمى إلى الثقافات البائدة.. ربما ! ولكنه لا يزال على قيد الحياة وهذا ما يهم، أذكر أنني في تلك الليلة غرقت في نوم مدته ربع ساعة فقط وأنا أجلس على كرسي هزاز، فرأيت في المنام روحي المثقلة تسير وسط الشوارع في ليل مقيت والسيارات تسير بسرعة باتجاهي عن اليمين وعن الشمال، أحاول الهروب.. وتحاشي الاصطدام.. وحمد الله أنها لم تصبني بسوء، عندما استيقظت أدركت أن حياتي تسير وسط دائرة التحديات، حينها قررت أن أخوضها ولا أبالي فأزرع نبتة وأعتني بها إلى تصبح شجرة، إن سمعت عواء سأدرك أنني فعلا قد أوجعت الكلاب، وإن قررت أن أكتب مقالا فإنني سأحوله إلى كتاب، حتما سأكمل ذلك الطريق وإن كان لا يخلو من العثرات، سأحمل في حقيبتي أدوات التصليح والنجارة لأصلح ذلك الطريق وأطهره من براثن المنافقين.. وفساد الحاقدين.. سأطلي ذات يوم على الحيطان ألوانا زاهية وسأكتب عليها عبارات العدالة ! ذات يوم سأفعل.في تلك الليلة تبددت ذكريات الأمس، ونقشت على أوراق البردي تلك الكلمات، ثم تركتها جانبا، اعتذرت من كتبي ورتبتها.. وضعت رواية " قنديل أم هاشم " في المقدمة لأعود لها في وقت قريب وأشعل بقية قناديلي.. تنقلت بين محطات التلفاز، محطة تلو الأخرى إلى أن قربت أن أستقر في إحدى محطات حياتي.غيمة رمادية لئن مت ليكونن ذلك مجدا ولئن عشت لتكونن رحمةأورفيل دوغلاس