17 سبتمبر 2025
تسجيلمنذ أن فازت قطر بتنظيم مونديال كأس العالم 2022 ظلت قطر محط أنظار العالم أجمع، وكثر الحديث عن هذا البلد الصغير في مساحته والكبير في طموحاته، ثم اندلعت ثورات الربيع العربي، ووقفت قطر منذ اندلاعها موقفا واضحا بجانب الشعوب العربية ودعمتها تحت إشراف المنظمات الدولية والإقليمية. ولكن يبدو أن البعض لم يرقه نجاح الدولة المستمر في العديد من المجالات، فأبت نفوسهم إلا أن تطلق على قطر وابلاً من الهمز وسيلاً من الاتهامات، حيث ظلت بعض وسائل الإعلام الدولية والعربية تشن هجومها على قطر بسبب مواقفها الداعمة للشعوب العربية، وقطر لديها إيمان راسخ بأن الوطن العربي الكبير يمثل في الحقيقة عمقها الإستراتيجي، فمنذ أن تولى حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني مقاليد الحكم في البلاد عمل بعد توفيق من الله على تطوير البلاد وتقويتها اقتصاديا والتركيز على التنمية في كافة مجالاتها، فكانت سياسة قطر الخارجية واضحة وضوح الشمس، حيث اتسمت بالواقعية استنادا إلى حكمها على الأمور وتقديرها لمعطيات الواقع، كما اتسمت بالعلنية والشفافية بحيث لا تخفي شيئا لأنه ليس لديها ما تخفيه أصلاً، على عكس ما تتبعه بعض الدول في سياستها الخارجية. فعندما أعلنت اليمن الوحدة في بداية التسعينيات، وقفت قطر إلى جانب إرادة الشعب اليمني في الوحدة لدرجة أن البعض اتهم قطر بأنها تغرد خارج السرب، واليوم وبعد مرور أكثر من عشرين عاما ظهرت بعض الأقلام والأصوات لتعيد نفس أسطوانة الاتهامات القديمة لقطر بتغريدها خارج السرب، حتى إن وزير الدولة للشؤون الخارجية سعادة الدكتور خالد العطية قد أشار مؤخرا في منتدى الجزيرة السابع إلى أن قطر منفتحة على كل القوى الصاعدة بالمنطقة العربية، وأنها لا تنحاز لأي قوة على حساب أخرى، وأن سياسة قطر مع جيرانها ومحيطها تقوم على مبدأ "صفر مشاكل"، ورفض الدكتور خالد العطية اتهام قطر بأنها تغرد خارج السرب في مجلس التعاون الخليجي، مؤكدا أن جميع الدول الخليجية تدعم الثورة السورية، وتنسق فيما بينها بهذا الشأن. ربما تكمن المشكلة الحقيقية في حقيقة الأمر أننا في قطر لا يوجد لدينا إعلام قطري عالمي يتماشى مع سياستنا الخارجية حتى يستطيع أن يجاري ما يكتب وما يبث عن قطر، فقناة الجزيرة لا تستطيع أن تقوم بهذا العبء لعدة أسباب يأتي في مقدمتها أن الجزيرة ليست محلية التوجه من حيث محتوى المادة الإعلامية، وأنها أيضا متهمة من قبل البعض بعدم الحيادية من خلال دعمها لبعض الأيديولوجيات المحددة، حتى إن سعادة وزير الإعلام المصري، السيد صلاح عبد المقصود، كان قد أشار في لقاء مع جريدة الشرق هذا الأسبوع إلى أن الهجوم على قطر هو امتداد لأزمات افتعلتها الأنظمة الساقطة مع الدوحة بسبب قناة الجزيرة. ولقد تحدثت في السابق، وفي أكثر من مقال، عن شبكة الجزيرة مبينا أن على قناة الجزيرة مراجعة سياستها التحريرية حتى لا تتهم في حياديتها ودعمها لطرف على حساب طرف آخر، فلقد وصلت القناة إلى قمة النجاح وتربعت على عرش الإعلام العربي المرئي مع بداية انطلاق ثورات الربيع العربي عبر تغطيتها وتحليلها لتلك الأحداث، ولكن ربما تأثر هذا النجاح كثيرا بعد مرور عامين على الربيع العربي لأسباب مختلفة، منها على سبيل المثال وليس الحصر تغير الانطباع لدى المشاهد العربي وارتفاع هامش الحرية الإعلامية في دول الربيع العربي. ومن هذا المنطلق فإنه لابد من أن تتكاتف جهودنا جميعا من أجل إنشاء إعلام عالمي يتماشى مع دور قطر السياسي في المحافل الدولية والإقليمية، ويستطيع من خلال كوادر قطرية مؤهلة ومتميزة أن يدافع عن مبادئ الدولة الراسخة وسياساتها وقيمها وآرائها، وعلينا أن نشرع من الآن في بناء جيل إعلامي قطري عالمي يستطيع أن يقتحم مجال السياسة والإعلام بكل جدارة واقتدار، جيل إعلامي مواكب يتحدث بنبرة وطنية عالية ويكتب بأحرف إنسانية مضيئة، يشق طريقه من خلال نظرة محلية ورؤية عالمية.