15 سبتمبر 2025
تسجيلهذه مقولة نابليون بونابرت "من فتح مدرسة أغلق سجنا" ما دفعني للكتابة في هذا الموضوع هو إعلان في صحف دولة عربية بأنها أنجزت بناء 15 سجنا في أماكن متفرقة من البلاد، وأنها سوف تكون جاهزة لاستقبال النزلاء في نهاية شهر يوليو من هذا العام، علما بأن تلك الصحف نشرت أخبارا مؤداها أنه منذ أحد عشر عاما لم تبن مدرسة أو عيادة صحية على امتداد جغرافية تلك الدولة. يا للهول! معظم الدول العربية تتسابق في بناء السجون والمعتقلات في الوقت الذي تتسابق فيه الدول الغربية على إغلاق السجون والحكم على من يعاقب بالسجن بأن يقضي مدة سجنه في إقامة جبرية في بيته بين أهله وذويه ولا يغادر المنزل، ولكي يعلموا أنه التزم بتنفيذ الحكم يضعون في معصمه أو رجله جهازا ينذر قوى الأمن بأن الإنسان المحكوم عليه بالإقامة الجبرية قد كسر إقامته، الأمر الذي يستدعي قوى الأمن لملاحقته والقبض عليه وإنذاره بعدم العودة لمخالفة الحكم وإلا فإنه سينقل إلى السجن العام. طبعا هذا الحكم ليس جاريا على كل الجرائم والمخالفات إنه محدد بنوع معين من الجرائم وليس على إطلاقها. بعض الدول العربية تصدر أحكاما بالسجن والإعدام للجرائم الكبيرة ويكون تنفيذ حكم الإعدام إما شنقا أو جز الرأس بالسيف من قفا المحكوم عليه أو رمياً بالرصاص، وكل هذه الطرق في نظري تمثل وحشية الإنسان وجبروته ضد أخيه الإنسان. في الغرب بعض الدول تحرم عقوبة الإعدام بأي كيفية كانت ويستبدل بالسجن مدى الحياة وبعض الدول تنفذ أحكام الإعدام بطرق لا تظهر فيها الوحشية يتمثل ذلك في حقن المريض بمادة في الوريد تقضي عليه في الحال دون عناء، أو بصعقة كهربائية. صحيح تنوعت الأسباب والموت واحد ولكن ليكن الموت بطريقة فيها نوع من الرحمة إكراما للإنسان. أليس في الإسلام حديث نبوي مؤداه "وليرح أحدكم ذبيحته، وأن يسقيها ماء وألا يريها سكينة الذبح" هذا بالنسبة للحيوان من النعاج والإبل والبقر وغير ذلك فما بالك بالإنسان؟ أتمنى أن تغيب أحكام الإعدام من قوانين الدول العربية. (2) في العراق إبان حكم الرئيس صدام حسين رحمه الله في حوار معه نشر في هذه الجريدة يوليو 2002 قال لي تعقيبا على سؤال بأن السجون العراقية مكتظة بالمساجين وأن هناك أحكاما جائرة أي طويلة المدى فهل من سبيل لإصدار عفو عام عن مرتكبي بعض الجرائم التي لا تمس أمن الدولة؟ قال: الأفراد الذين حكم عليهم بالسجن المؤبد أصدرت أوامر بأن من يحفظ القرآن منهم غيبا يطلق سراحه بصرف النظر عن المدة التي قضاها، وعقوبات أخرى بحفظ أجزاء من القرآن والمصحف به ثلاثين جزءاً، فمن حفظ بعض هذه الأجزاء يطلق سراحه، وقد وفرنا شيوخا لتحفيظ القرآن في السجون. وقد أمرت وزارة الداخلية بأن توفر للمساجين كتب التاريخ الإسلامي وكتب الفقه بجميع المذاهب والتفاسير المختلفة للقرآن. وقال يمكن ترتيب زيارة لك لأحد السجون ولك أن تحدده أنت بنفسك وتتأكد من هذه المعلومات. لقد حولنا معظم السجون إلى مدارس يتعلم فيها السجين الدين الإسلامي، والتاريخ واللغة وبعض المهن وعند خروجه من السجن يكون مواطنا صالحا منتجا وليس عبئاً على المجتمع. لقد قضينا على الأمية في القُطر العراقي ولم يعد لدينا في العراق من الأميين إلا نسبة لا تزيد على 3% وهذه تقارير اليونيسكو بين يديك تثبت ما نقول. (3) في قطر يقول الدكتور علي بن صميخ المري رئيس لجنة حقوق الإنسان القطرية إن وضع السجون عندنا جيد وإن المساجين لدينا يتمتعون بالحد الأدنى من المعايير وحالتهم جيدة، خاصة بالنسبة للتعليم، لا يوجد تفريق بين المساجين، وكلهم يعاملون معاملة متساوية، وإن اللجنة تقوم من وقت إلى آخر بزيارة السجون وتفقد أحوال المساجين ولم نتسلم شكوى من أي سجين يتعلق بسوء المعاملة. في هذا الصدد ولكي يكون السجن مدرسة.. هل لنا أن نطبق ما فعله العراق بالنسبة للمساجين بأن كل من يحفظ القرآن أو جزءا منه شرط ألا يقل عن عشرة أجزاء يطلق سراحه حتى ولو لم يكمل مدة الحكم وإن كل من درس التاريخ الإسلامي أقصد عصر الخلفاء الراشدين والعصر الأموي والعباسي، أو التاريخ المعاصر ويقدم فيه امتحانا داخل السجن شرط ألا يكون الامتحان تعجيزيا وينجح يطلق سراحه. هل يمكن لمنظمة حقوق الإنسان القطرية أن تتقدم بمشروع لوزارة الداخلية أن كل من قضى نصف مدة محكوميته وحفظ عشرة أجزاء من القرآن يطلق سراحه. طبعا كل ما قلت لا ينطبق على من يتهمون بجرائم تتعلق بأمن الدولة أو الرقاب أي الاعتداء على أي إنسان وتسبب في موته. آخر القول: يقول نابليون: من فتح مدرسة أغلق سجنا. فتعالوا يا معشر العرب نجعل سجوننا مدارس تعلم وتهذب الأخلاق وتزرع حب الوطن والتفاني في خدمته، تعالوا نجعل خريجي السجون يتميزون بالتسامح ونبذ الحقد والكراهية إنها عملية تثقيف وتنشئة وإصلاح، فهل نفعلها؟ أرجو ذلك.