19 سبتمبر 2025
تسجيل"دي إيه؟ دي جنة، ولا في أمريكا أو أوروبا تخش المستوصف وتخرج بكيس من أحسن الأدوية وأجودها ببلاش تقريبا، القطريون شعب طيب وغني ولكن ما بيعرفوا إلا يؤجروا بيوت". "قطر أغنى دولة في العالم، نصيب الفرد من الدخل القومي الأعلى عالميا". "نسبة كبيرة من أثرياء العالم من القطريين"، "قطر كعبة المضيوم". هذه العبارات بعضها سمعته شخصيا، والآخر نشرته الصحف القطرية والعربية والعالمية، والأخير شعار دولة قطر في توجهها، ودورها العالمي الجديد. نجد كثيرا من الإخوة العرب في المقاهي والمولات يبحثون عن وظائف في قطر قادمين بعد أن سمعوا عن توفر فرص العمل في قطر وقلة سكانها وحاجتهم الى أيدٍ عاملة، وأنا شخصيا قابلت أحد الإخوة العرب في محطة بترول يسألني المساعدة لتحصيل ثمن تذكرة للعودة بها الى بلاده، بعد أن خاب ظنه في الحصول على فرصة عمل كما كان يسمع في بلاده عن توفرها بسهولة. في ظل ما يحتوي عالمنا العربي من حزام ناري مشتعل، تبدو قطر "جنة" ويبدو الوصول إليها أملا، ولكن تبقى الصورة في الأذهان سائدة عنها وعن شعبها لا تتغير، بلد صغير جدا وغني جدا وشعب قليل "طيب"، فعندما يصل بك النقاش الى حد الاحتدام مع أحدهم، أو يغضب أحدهم تخرج هذه الصوره من اللاوعي الى الوعي واللسان سواء كتابيا أو شفاهة على القنوات الفضائية. القطريون يعيشون على حزمة أخلاقية متوارثة، وهم اكثر مجتمعات الخليج محافظة الى عهد قريب، لذلك وصف أحد المشايخ قطر بقوله (إننا حين نتكلم عن قطر أو ننوي الذهاب إليها نقول "حنروح الجنة")، بالمعنى المعنوي إلا أن الاغراء المادي جعل منها اليوم "جنة" بالمعنى المادي لهم كذلك. كل خوفي اليوم على استنزاف هذه الحزمة الأخلاقية المتوارثة بسبب التغير السكاني سريع الخطى، وما يرافقه من ارتفاع سريع في مستويات المعيشة، نظرا لربطه وارتباطه بمستوى التوسع الجديد وإقامة المدن الجديدة وارتفاع سعر تكلفة الأرض والبناء نظرا لذلك، ويصبح القطريون متغيرا تابعا لآخر مستقل. حافظ أهل قطر تاريخيا على الحزمة الاخلاقية المتوارثة لوسطيتهم كمجتمع، ولصعوبة التمييز بينهم والوعي بخطورة ظهور الطبقية بشكل يؤثر على هذه الحزمة الاخلاقية ومن ثم على التضامن الاجتماعي، الفئات الوسطى اليوم تعاني وبعضها شارف على الانهيار، الاخطر هو التأسيس لهوية جديدة للمجتمع أو إنشاء مجتمع موازٍ. [email protected]