27 أكتوبر 2025
تسجيليلاحظ أن مبادئ حوار الأديان قد خفت وهجها، وما عادت الأجندات الموضوعة لمسارها تحقق النتائج المرجوة، ولنا في مؤتمر الدوحة لحوار الأديان الذي احتضنت العاصمة القطرية دورته الثانية عشرة من 15 وحتى 17 فبراير الجاري تحت شعار "الأمن الروحي والفكري في ضوء التعاليم الدينيّة" بحضور المئات من علماء الدين والأكاديميين والباحثين والمتخصّصين التربويين وحشد من الإعلاميين نموذج واقعي، كونه لم يحقق للأسف نجاحا ملموسا، ولم تعط مخارجه الزخم المرجو، رغم أن أحد أهم ركائز هذا المؤتمر توفير الآليات الفاعلة لحماية الأديان وتعزيز دورها في توفير الأمن الروحي والفكري للمجتمعات .الدورة الـ12 من مؤتمر الدوحة لحوار الأديان التي تأخرت عاما عن انعقادها المقرر كان مرسوما لها أن تستهدف التصدّي لخطاب الكراهية والتشدّد والغلو بكل أشكاله ومصادره، وتغليب لغة الحوار والتسامح، إلا أن الرسالة بالتحديد لم تصل للعديد من المشاركين ولم ترق لمزاج الأديان الأخرى، كونها تركز على الدين الإسلامي وتعتبره بصدق الملاذ الآمن لكل الديانات السماوية التي يعتنقها مشاركو المؤتمر، باعتباره دين المحبة والسلام بين الأديان والثقافات والحضارات المختلفة.في أسبوع الوئام الديني وإبان انعقاد مؤتمر الدوحة ذكر مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان في رسالة واضحة له أن الدين الإسلامي الحنيف قد حث على تعميق الروابط الاجتماعية بين الناس من أبناء الديانات السماوية وغيرهم، كما حث على معاملة الناس بروح التسامح والرحمة والحوار واعتماد مشروعية الإخاء بين الأديان السماوية الثلاثة كهدف سام يتطلب التعاون بين أتباع هذه الديانات لتحقيق أهداف الإيمان في الاستقرار والسلم والمحبّة، وهذا مصدر خلافنا مع أصحاب الديانات الأخرى .هذا الخطاب السامي والمقنع للجميع لم يقترب إلى حافته أحد من المشاركين في المؤتمر من باقي الديانات، وهذا ما أدى بالقائمين على المؤتمر إلى الاعتراف بأنهم لا يملكون حلولا سحرية، لمواجهة واقع لا يمر فيه يوم دون حادثة عنف طائفي أو واقعة لها علاقة بتصاعد مشاعر الكراهية والعنصرية والتعصب، لكنهم يقولون إن الحوار والأفكار التنويرية هي بضاعتهم الوحيدة في مواجهة الأفكار المشوهة والتفسيرات الخاطئة التي تثير الفتن بين أتباع الديانات .أقولها بقناعة تامة إن الهوة ما زالت كبيرة بين ما يتم ادعاؤه من تسامح ديني وما يتم تطبيقه على أرض الواقع، ولنا في واقعنا المعاش كثير من الأحداث والأمثلة الجاثمة على مشهدنا العربي والمسلم من تصاعد توتر العلاقات بين الأديان، وخاصة في التصفية الممنهجة ضد أماكن عبادة المسلمين في كل العالم، ونرى ذلك العداء متجسدا باستمرار في الاعتداء على المقدسات الإسلامية واضطهاد الأقليات المسلمة .الأجهزة المعنية في المنظمة الدولية "الأمم المتحدة" يقع على عاتقها جزء كبير في هذا الجانب للتقريب بين الناس، وإيجاد سبل للتفاهم بينهم، وتحالف الحضارات له دور في ذلك، حيث يترأسه الدبلوماسي القطري المخضرم الأستاذ ناصر بن عبدالعزيز النصر الممثل السامي لحوار الحضارات، وهو أحد المتحمسين للحوار بين الأديان، وأعلم أن له جهودا مضنية في هذا الجانب، وأحد مرتكزاته التي يعمل عليها الجانب الديني وغرس هذا المبدأ في فئة الشباب، بتركيزه على ضرورة زيادة وعي الشباب بثقافة التسامح الديني . الدوحة دائما هي المظلة التي يستظل تحت نعيم أوراقها الوارفة أصحاب المبادئ النبيلة من مختلف الديانات التي تدعو إلى السلام، فهل يكتب لمؤتمر الدوحة لحوار الأديان استمراره على أرض قطر في ظل الحروب والتصفيات العرقية التي تشن باسم الدين. وسلامتكم