10 سبتمبر 2025
تسجيلبات من أكبر اهتماماتي في الفترة التي مضت أن أتعمق في شأن لبنان، ذلك البلد العربي الجميل الذي لا يزال يناضل لأجل أن يبقى بأي صورة كانت في خريطة العرب والعالم كدولة وكيان، لكنني على ثقة بأن الشعب اللبناني الذي لا يزال يتلقى صدمات حكوماته المتعاقبة والمخيبة للآمال هو من سوف يبقى مهما كانت هذه الصدمات موجعة ومؤلمة وتحاول أن تكسر هذا الشعب الذي أراه يمضي بلسان فقد لغة الشكوى من شدة ما بات يشعر بعدم الجدوى، وشخصيا تأثرت كثيرا بمقطع فيديو حرصت على أن أعرضه عبر حسابي بتويتر متمنية من كل شخص يراه أن يدعو لبطلة هذا المشهد وهي مواطنة لبنانية يقارب عمرها من سقف ثمانين عاما وتبدو مثل معظم الجميلات والقويات من ( ختيارات لبنان ) في قوتها وعنفوانها حينما استوقفها شاب من عمر أحفادها ممن يحاول ملء صفحته على التيك توك بمثل هذه المشاهد العفوية والتي لربما قد اتخذها مسارا محددا لخط سير نشاطاته وسألها سؤالا يبدو يسيرا وسهلا فقال: ( عندي مسابقة يا حجة فإذا جاوبتِ على السؤال راح اعطيكِ جائزة ) فأجابته العجوز التي تبدو الطيبة على محياها والحجاب يضفي عليها جمالا ووقارا أكبر: (تفضل يا ابني) فسألها أن تسمي له منطقتين تقعان في قلب العاصمة بيروت لتبادره العجوز باسمين لأشهر المناطق اللبنانية في بيروت فيسرع الشاب لإعطائها مليون ليرة لبنانية كجائزة لها وأنا هنا لا أريد أن أتحدث عن العملة اللبنانية التي تهوي قيمتها كل يوم أو ضآلة هذا المبلغ لمن يعرف بالقيمة الحقيقية لها اليوم فلا تستكثروه وتبدو اندهاشكم من القيمة العالية التي تحمل كلمة ( مليون ) في حروفها ولكني أريد أن أتحدث عن فرحة هذه العجوز الطيبة التي سارعت فور أن أعطاها الشاب الجائزة لسؤاله مندهشة ( والله العظيم هيدي إلي ) ؟! فيؤكد لها أنها جائزتها وباتت حلالا عليها لتقبّل العجوز المال شاكرة وممتنة وتتمتم بكلمات أن المال قد جاء في وقته وهي ترعى يتيمات من حفيداتها لا عائل لهن وتغرق عينها بالدموع قبل أن يطالبها الشاب بأن تتوقف عن البكاء تأثرا من هذا الرزق الذي ساقه الله لها دون تدبير منها ولا طلب من أحد من خلقه، فقلت في نفسي وأنا متأثرة مما أرى إن كان هذا حال مواطنة واحدة في لبنان سُلّط عليها المشهد فكيف بمئات الآلاف من غيرها ممن يعاني ولا يوجد كاميرا ترصد حالهن وظروفهن ؟! فهل يمكن أن ينتشل أحد من الدول العربية هذا البلد من أزمته في انهيار عملته وغلاء معيشته وتدهور وضع شعبه من الغلاء أو حتى البقاء ؟! فدولة لبنان هي ياسمينة العرب ولطالما وجدت لبنان المحبة من الجميع لأنها حرصت على ألا تتدخل بأي مشاكل خارجية فمشاكلها الداخلية أكبر من أن تجعلها تمد بنظرها لأبعد من حدود الطول والعرض لها لا سيما وأنها بلد يموج بصراعات الأحزاب والرؤوس التي تحركها مثل بيادق الشطرنج ناهيكم عن أنصار هذا الحزب وأعداء الحزب الآخر والواقع في المنتصف هو ذلك الشعب الذي لا ناقة لها مع هذا ولا جمل مع ذاك وكل ما يريده هو أن يعود ليشتري بعملته الوطنية التي لا تتعدى أوراقها كومة كبيرة لشراء حبة طماطم واحدة كما هو حاصل اليوم وليس بالدولار والعملة الصعبة التي ما عاد اللبناني العادي يتداولها بسهولة اليوم ليشتري ما يمكن أن تجعله يمضي مستورا مع عائلته وكل هذا جعل لبنان يخرج من دائرة أن يمضي كدولة مستقرة خصوصا وأن كل الحكومات التي اعتلت منصة الحكم فيه لم تفلح ولا واحدة في أن يسير بالبلد لبر الأمان ولا يزال يهوي دون صوت لأن الشعب قد اعتاد على الهاوية ولا يبدو أنه يأمل في الصعود للأسف ولذا كل ما أتمناه لجمهورية لبنان الشقيقة أن نفض عنها جلباب الأزمات وتلبس ثوب الإنجازات في القريب العاجل إن شاء الله.