13 سبتمبر 2025
تسجيللبنان وسوريا وليبيا والعراق واليمن استقرارها من استقرار كل المنطقة لن يدفعنا أحد للتفكير بشكل فردي وأناني فوحدتنا العربية هي حصن ماجينو بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى وانتصار فرنسا عام 1918 نادى وزير الحربية الفرنسي أندريه ماجينو للأخذ بنظرية الدفاع الثابت وإنشاء حصن ماجينو الذي يُعد نموذجاً للتحصينات الدفاعية الثابتة. واتبع القادة العسكريون هذه النظرية إيماناً منهم بمقدرة الخط على وقف تقدم القوات الألمانية وإنهاكها، ما يسهل توجيه ضربات مضادة إليها وسحقها، إلى جانب ذلك فقد طور المهندسون العسكريون أنماطاً أوجدوها لزيادة قدرة الدفاع الدائري، وتغطية بعض الحصون بعضاً بالنيران والقوات والذي حمى فرنسا حتى العام ١٩٤٠ عندما نجح الألمان في الولوج إلى فرنسا دون الاصطدام بشكل مباشر بخط ماجينو لمعرفتهم السابقة به، ومن هناك قاموا بمهاجمة الخط والسيطرة على فرنسا. حصن ما جينو يذكرني بالضبط بالوحدة العربية والتكاتف الذي كان موجوداً خاصة مع وجود هدف واحد يتفق عليه الجميع وهو محاربة العدو الصهيوني، لكن مع تبدل الزمن نجح الأعداء في معرفة نقاط ضعفنا والدخول علينا دون أن يصطدموا بالوحدة والتكاتف، لكنهم لا يزالون يصطدمون بدول عربية صامدة ومنها قطر. لنأخذ القضية الفلسطينية كنموذج على الطريق الذي يراد للدول العربية أن تسير فيه: جرى العمل بشكل كبير على تفريق الموقف العربي باتجاه القضية الفلسطينية لشق الصف الموحد في الدفاع عنها. تم الدفع لخلق جماعات وأحزاب متفرقة في فلسطين من منظمة التحرير إلى حماس والجهاد الإسلامي وغيرها من التنظيمات التي لها أيدلوجياتها المختلفة. تم العمل على تصغير القضية ودائرة الاهتمام بها من قضية العرب والمسلمين الأولى إلى قضية العرب إلى القضية الفلسطينية وصولاً إلى غزة والضفة. العمل على خلق حالة من العداوات الوهمية بين الدول العربية الساعية للتطبيع والتنظيمات الفلسطينية ليصبح اتخاذ مواقف «انبطاحية» أكثر قبولاً على المستوى الشعبي بسبب خلق حالة الاحتقان ضد التنظيمات. تضليل الصورة والعمل على إعادة إنتاج الوعي العربي بمسح مبدأ «العدو الصهيوني» ليصبح محتلاً ثم دولة إسرائيل وبالتالي يصبح أكثر قبولاً في مجتمعاتنا العربية. خلق أزمات محيطة تبعد دائرة الاهتمام الإعلامي عن القضية الأولى لكل العرب والمسلمين، وعليه تصبح فلسطين خارج دائرة الضوء وقضية هامشية. كل ذلك جعل اليوم بعض العرب ينادي بالفردية في الحكم، والأنانية في المصالح، وإتخاذ القرارات وتبني المواقف وفق المصالح المحلية الضيقة بعيداً عن الإقليم العربي ومصالحه الإستراتيجية الكبرى. هذه الأنانية والابتعاد عن دعم فلسطين، وتمزيق صورتها المقاومة المستمر في الوعي الجمعي العربي يراد تكراره على كل الدول العربية، فتصبح فكرة «القومية العربية» من الماضي وتفكر كل دولة عربية في نفسها ومصالحها دون اعتبار للضرر الذي يمكن أن يلحقه ذلك بشقيقتها العربية. والهدف من كل ذلك واضح، حيث يتم تحويل دولنا إلى كانتونات متفرقة يسهل إختراقها ومساومتها والسيطرة عليها أو حتى القضاء عليها، وطالما أننا نقدم ما يريدون على طبق من ذهب ولدينا دول لها ثقلها في عالمنا العربي مثل مصر والسعودية تسيران في هذا الطريق وتقدمان كل ما يمكن من أجل مصالحهما الفردية الضيقة فإننا ذاهبون للأسف لمثل هذه الحالة المدمرة. لهذا تفكر قطر بشكل مختلف، ولهذا تعتبر قطر اليوم ميزان الوطن العربي الذي يقيس مواطن الضعف والقوة فيه، فيقوي الضعيف ويدعم القوي، ليخلق توازناً عربياً أمام كل الأطماع الخارجية ويصنع ثقلاً عربيا مع محيطنا الجيوسياسي الغير عربي المحيط بنا. فرغم خلافنا مع النظام السوري مثلاً لكن سوريا المستقرة القوية هي هدفنا، سوريا التي تعتمد على نفسها وتلعب دورها العربي المنوط بها هي ما نسعى إليه، وكذلك الحال في لبنان وليبيا والعراق واليمن وكل الدول العربية، فإستقرار هذه الدول إستقرار لنا، وأمنها أمن لكل المنطقة العربية المحيطة بها. لن أسرد قصة المواقف القطرية من القضايا العربية، ولا الإسلامية، وليس آخرها حملة التبرعات الشعبية لعرسال والتي فاقت المائتي مليون ريال ولا مشاركة سمو الأمير في مؤتمر لبنان ودفع ٥٠٠ مليون دولار لإعادة الاستقرار في هذا البلد. لقد دفعنا في قطر ثمناً كبيراً لمواقفنا العربية، سواء في وقوفنا أمام الدول التي تحاول تمزيق الوطن العربي، أو العرب الذين يحاولون بيع قضيتنا الأولى فلسطين، أو حتى الطغاة العرب الذين دمروا دولهم، لكننا على مدار أكثر من عقدين من الزمن تشكل عندنا وعي شعبي بأن للحق ثمنا، وللوقوف مع الأشقاء في الشدة ثمنا، واليوم نؤمن في قطر قيادة وشعباً بل وحتى مقيمين أننا مستعدون لدفع هذا الثمن، طالما أنه يحفظ أمتنا العربية. [email protected]