19 سبتمبر 2025

تسجيل

مرضى التوحد الإلكترونى

22 يناير 2015

المقصود بمرضى التوحد الإلكتروني هؤلاء الجالسون أمام أجهزة الكمبيوتر و"السمارت فون" طوال الوقت لمتابعة مواقع التواصل الاجتماعي من لحظة استيقاظهم متأخرا عند الظهيرة أو بعدها وحتى نومهم الذي غالبا ما يكون في ساعة متأخرة من الليل أو في ساعات الصباح الأولى من اليوم التالي. وبداية أرجو ألا يُفهم من كلامي أنني ضد مواقع التواصل الاجتماعي مثل الفيسبوك وغيرها.. بل على العكس فإنني من أكبر مشجعيها.. وأستخدمها للتواصل مع أفراد عائلتي الذين يقيمون بعيدا عنا.. وكذلك الأصدقاء في شتى بقاع الأرض.. ويكفى أن المرء يمكنه التواصل مع من يريد في أقل من ثانية.. أو بضغطة الإصبع كما يقولون.. ولكنني ضد الإسراف في استخدامها.. ليس هذا فحسب.. ولكنني ضد الاقتصار عليها و "التوحد" مع أنفسهم داخلها.. بمعنى آخر أن تقتصر الحياة على هذه المواقع وتكون المصدر الأساسي للمعرفة.. لدرجة إهمال القراءة تماما بما في ذلك قراءة الصحف اليومية وعدم مشاهدة حتى نشرات الأخبار في التلفاز.. وأنا أتساءل.. أي فائدة ترجى من مثل هؤلاء لوطنهم.. أو أسرهم.. أو حتى لأنفسهم وهم داخل تلك الشرنقة التي وضعوا أنفسهم بداخلها. ومما يزيد الأمر سوءا أن مرضى التوحد الإلكتروني هؤلاء يكون معظمهم من الشباب والذي من المفترض – وهذه حقيقة لا يختلف عليها إثنان من العقلاء – أنهم هم العصب الأساسي للطاقة المنتجة لأوطانهم وأسرهم وأنفسهم كما أسلفنا. كان بعض الشباب في الماضي يرتاد المقاهي كي يحتسى المشروبات ويلعب النرد ويتحدث فيما يخصهم من مشاكل.. وبرغم أن ذلك كان يتم لفترات قصيرة ومحدودة وفى فترات الإجازات فقط فإن ذلك كان موضع إنتقاد من مجتمعهم وذويهم.. فما بالنا وبعض شباب اليوم من مرضى التوحد الإلكترونى ليس لديهم شاغل سوى متابعة الشائعات والنكات السخيفة و "تشييرها" لأصدقائهم الذين سوف يظهرون إعجابهم بوضع علامة "لايك" أو كتابة "كومنت" يتناسب مع هذه السخافات. وفى المقابل لدينا شباب واع حريص على أن يكون مثقفا بالقراءة والإطلاع والنهل من شتى مناحى المعرفة لدرجة أن أحدهم من طلاب جامعة القاهرة – وهذا على سبيل المثال لا الحصر – قد أخترع طائرة بدون طيار.. وآخر قام بتصميم سيارة تعمل بالكهرباء. حتى من الناحية الصحية.. هناك فرق شاسع بين شاب يستيقظ مبكرا ويزاول الرياضة ولو لفترة بسيطة مثل الجري أو ركوب الدراجات أو المشي.. أو مجرد ممارسة التمرينات السويدية داخل المنازل.. ثم ينصرف بعدها لعمله أو دراسته وبين هذا الذي يستيقظ متأخرا جدا لينظر وهو لا يزال في فراشه تحت الأغطية في هاتفه "السمارت" ليرى ما وصله من رسائل.. وما استجد من سخافات. وقد يقول قائل أنني أكتب هذا لأنني تجاوزت مرحلة الشباب بكثير وأنني لست ممن يعرفون التعامل مع التكنولوجيا الحديثة.. وأهمها التعامل مع الكمبيوتر بطبيعة الحال.. ولهؤلاء أقول أنني لم أتوقف عند حد معين بدليل أنني أعمل حاليا رئيسا لتحرير مجلة إليكترونية تعتمد فى المقام الأول على استخدام الكمبيوتر والبريد الإلكترونى ورسائل الفيسبوك.. ولم أقتصر أو " أتوحد " مع الأوراق والأقلام والصحف والمجلات الورقية. ونخلص من ذلك أن الإنسان وحده هو القادر على تحديد طريقة استخدامه للتكنولوجيا الحديثة بشكل عام.. ووسائل التواصل الإجتماعى بشكل خاص.. وأن يستفيد من حسناتها.. ويتخلى عما ينتج عنها من سوءات. وأستأذن القارئ الكريم حتى أرسل مقالي هذا عن طريق الإنترنت بدلا من أن أذهب بنفسي في عدة ساعات لتسليمه أو أن أرسله بالبريد ليصل بعد عدة أيام. وإلى لقاء قادم وموضوع جديد بحول الله.