13 سبتمبر 2025
تسجيلأدى التحسن النسبي للاقتصاد العالمي في عام 2013 بالإضافة إلى خفض معدلات التضخم وارتفاع أسعار الأسهم إلى انخفاض أسعار الذهب خلال العام الماضي، بما لا يقل عن 25% من قيمته التي كان عليها في عام 2012، بعد أن ظلت أسعاره مرتفعة بشكل ملموس لأكثر من اثني عشر عاماً متتالية وتحديداً منذ عام 2001 حين كان سعر الأوقية منه 271 دولارا أمريكيا لترتفع بشكل متوالٍ حتى بلغت في عام 2012 إلى نحو1670 دولارا... مما دفع الكثير من المستثمرين إلى التخلص مما يملكون من سبائك ومشغولات وعملات ذهبية.وأكد العديد من الخبراء والمتخصصين في مجال المعادن النفيسة على أن التطورات الاقتصادية التي حدثت في عام 2013 والتي من المتوقع أن تستمر في 2014 لم ولن تكون في صالح الذهب وارتفاع أسعاره، بل إنه من المتوقع كذلك أن تزداد موجات البيع لذلك المعدن النفيس في هذا العام، وإن كانت بمعدلات أقل من موجات بيع العام الماضي... وقد اختلفت توقعات هؤلاء الخبراء حول سعر الأوقية في العام الجديد، ما بين متشائم يتوقع بلوغها 1200 دولار، وبين من هو أكثر تشاؤماً يتوقع انخفاضها إلى 950 دولارا، وبين هذين السعرين السابقين العديد من الأسعار الأخرى المتوقعة من جهات متخصصة مختلفة.ويرى الكثير من الخبراء أن أهم أسباب انخفاض أسعار الذهب في العام الماضي إنما يعود إلى قيام صناديق الاستثمار المتخصصة في التعامل مع الذهب إلى إجراء عمليات بيع مكثف، بحيث انخفضت حيازات أكبر خمسة عشر صندوقاً منها بما يزيد على %30، وهو أمر من المحتمل أن يستمر ولكن بنسب أقل في العام الحالي ... وتوقع هؤلاء الخبراء كذلك ضعف إقبال المستثمرين الغربيين على شراء الذهب خلال عام 2014 بسبب خفض كميات السيولة من العملة الأمريكية التي يضخها البنك المركزي الأمريكي في الأسواق وفق برنامج التيسير الكمي وشراء الأصول والسندات من 85 مليار دولار شهرياً إلى 75 مليارا فقط، بما سوف يؤدي إلى نقص المعروض من الدولار ومن ثم ارتفاع قيمته وما يترتب على ذلك من خفض لأسعار الذهب بالأسواق.ولعل من الأسباب المهمة كذلك في انخفاض أسعار الذهب في عام 2014 هو انخفاض الطلب عليه، حيث فرضت الحكومة الهندية "التي يعد سوقها أحد أهم أسواق الذهب في العالم" تعريفة جمركية مرتفعة جداً على واردات البلاد من الذهب، وهو الأمر الذي أثر سلبياً على حجم الطلب على الذهب في الهند ومن ثم عالمياً في عام 2013 وسوف يستمر ضعف الطلب بالبلاد خلال العام الحالي في ظل عدم تغيير هذه التعريفة، والتي لا تعتزم الحكومة تغييرها في الوقت الراهن وهو الأمر الذي أعلنه المسؤولون بها.ولقد كان من الممكن أن يزداد الأمر سوءًا وتنخفض أسعار الذهب بمعدلات أكبر في عام 2013، وما حال دون ذلك هو ارتفاع حجم الطلب في الصين على المجوهرات والمشغولات الذهبية خلال هذا العام بمعدلات بلغت أكثر من 34% مقارنة بحجم الطلب عليه في عام 2012 "وذلك وفقاً لتقديرات مجلس الذهب العالمي".وتعد احتياطيات الدول من الذهب التي تحتفظ بها في بنوكها المركزية أو لدى بعض البنوك المركزية العالمية الكبرى كغطاء لإصداراتها من العملات المحلية أو لمواجهة أي أزمات أو صعوبات مالية ونقدية قد تواجهها، ومن ثم فإن زيادة هذه الاحتياطيات "في حالات الرواج" أو خفضها بالبيع في الأسواق العالمية "في حالات الركود والأزمات" يعد أحد العوامل المهمة في زيادة أو خفض الطلب على المعدن النفيس، فترتفع أسعاره مع زيادة الطلب العالمي عليه في حالات الرواج، وتنخفض مع نقص الطلب في حالات الأزمات، في ظل محدودية المعروض منه بالأسواق العالمية في ظل ندرة الاكتشافات الجديدة من ذلك المعدن الأصفر النادر.هذا ويحتفظ البنك المركزي الأمريكي بأكبر احتياطيات على مستوى بنوك العالم، إذ تقدر احتياطياته بنحو 261.499 مليون أوقية، يليه المركزي الألماني باحتياطيات تبلغ 109.035 مليون ثم المركزي السويسري والإيطالي باحتياطيات 78.829 مليون ومن بعدهم البنك المركزي الفرنسي باحتياطيات 78.301 مليون والمركزي البريطاني 9.975 مليون أوقية ... أما عن نسب توزيع الذهب على قارات العالم، فنجد أن لدى أمريكا الشمالية 34% من كعكة ذهب العالم، ولدى قارة آسيا 17% ونفس النسبة توجد كذلك في كل من قارتي إفريقيا وأمريكا الجنوبية، وتحظى أستراليا "القارة والدولة" بنسبة 12%، بينما لا يوجد في قارة أوروبا سوى 3% فقط.ويؤكد فريق من الخبراء أن أسعار الذهب في المدى المتوسط "أقل من خمس سنوات" لن يكون أكثر إشراقا عما هو عليه الآن، وأن الأسعار المتوقعة في عام 2017 ستدور حول 1200 دولار للأوقية، كما أكدوا على أن التحديات التي تواجه عدم قدرة أسعار الذهب على الارتفاع لا تكمن فقط في عمليات البيع المكثف من صناديق الاستثمار وجموع المستثمرين وإنما تكمن كذلك في محدودية المحفزات الإيجابية التي يمكن أن تعيد له جاذبيته مرة أخرى .... وإن كنت أرى أن كل هذه التوقعات السابقة قابلة للتغيير وأن أسعار الذهب يمكن أن ترتفع من جديد إذا ما حدث متغير هام غير متوقع كتباطؤ معدلات الاقتصاد أو حدوث ارتفاع كبير لأسعار الأسهم أو ارتفاع ملموس بمعدلات التضخم العالمي.