12 ديسمبر 2025

تسجيل

العادة التجارية

21 ديسمبر 2023

يعرف الفقه العادة بأنها: «قاعدة تواتر التجار على اتباعها باضطراد وانتظام، ولكنها تفتقد لعنصر الإلزام»، وبالرجوع إلى المادة (2) من القانون التجاري، نجد أنها لم تنص على العادة الاتفاقية، فلم يعدها القانون مصدرًا رسميًا على خلاف ما ذهبت به التشريعات الأخرى، إلا أنه قد جاء ذكر العادة التجارية مرة واحدة في القانون التجاري القطري في المادة (138)؛ التي نصت على أنه «تخضع البيوع التي يستحدثها العرف والعادات التجارية والتعامل الدولي للقوانين والقواعد والأحكام التي تصدر بشأنها». لتوضيح ماهية العادة بشكل مبسط نقول: إن العادة التجارية عبارة عن شروط يضعها التجار في عقودهم بانتظام وبمداومتهم عليها لفترة طويلة من الزمن، من بعد ذلك تصبح تلك الشروط متفقًا عليها ضمنًا دون الحاجة إلى التنصيص عليها في العقد، وإذا اتضح عدم علم أحد أطراف التعاقد بهذه العادة فلا نطبقها. عندما تصبح العادة واضحة وعُمل بها لفترة طويلة من الزمن، وانتقلت من تاجر إلى تاجر ومن حقبة إلى حقبة ولم تخالف النظام العام، فتصبح هنا جزءًا من ضمير المجتمع، ومن ثم تنقلب إلى عرف وتكون له قوة قانونية، وأصل الأعراف عادات. ومن الأمثلة الشهيرة للعادة التجارية إنقاص الثمن بدلًا من الفسخ، وذلك في حالة ما كانت البضاعة سليمة، أو جاءت بصنف أقل أو على غير الوزن المتفق عليه. وتكمن أهمية العادة التجارية في أمرين: - أولًا: إن الحياة التجارية تتسم بالسرعة، وذلك يؤدي إلى عدم توافر الوقت اللازم، من أجل النص على جميع الشروط، ومن ثم تتجه إرادة المتعاقدين بشكل ضمني لإحدى العادات التجارية. - ثانيًا: من يعيش في الحياة التجارية هم التجار، وهم على دراية بالعادات التجارية، ولذلك لا حاجة لهم في أن يضعوا كل الشروط المألوفة داخل العقد. ويلاحظ في النهاية، أن التفرقة بين العرف والعادة التجارية تدب في عدة جوانب، فمن حيث طبيعة المصدر، العرف يلي التشريع على خلاف العادة التجارية، التي لم ينص عليها المشرع كمصدر رسمي؛ ومن حيث الأركان، العرف يشترط توافر الركنين المادي والمعنوي، أما العادة التجارية فتحتاج فقط إلى الركن المادي؛ ومن حيث درجة الإلزامية، العرف يطبقه القاضي من تلقاء نفسه، وذلك على خلاف العادة التجارية، التي يشترط فيها أن يطلبها الخصوم ولا يطبقها القاضي من تلقاء نفسه؛ ومن حيث علم القاضي، العلم بالعرف مفترض من قبل القاضي، أما العادة التجارية فيقع عبء إثباتها على من يدعيها؛ ومن حيث علم الخصوم، العرف لا يمكن الادعاء بالجهل به، على خلاف العادة التجارية التي يمكن عدم العلم بها؛ أما من حيث الرقابة، فالعرف يخضع لرقابة محكمة التمييز، أما العادة التجارية فلا تخضع لرقابة تلك المحكمة.