11 سبتمبر 2025

تسجيل

قطر 2022.. فلتتغيّر قواعد اللعبة

21 نوفمبر 2022

افتُتِحت بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022. من هنا، من قطر، من دولة عربية مستقلة ذات سيادة، في منطقة الشرق الأوسط، ولأول مرة في التاريخ. شبه جزيرة تقع وسط الساحل الغربي للخليج العربي، تنتصر لحقوق نحو 500 مليون نسمة حول العالم. دولة صغيرة الحجم بالمعيار الجغرافي والسكّاني، نافست دولا تُصنف نفسها بـ"العظمى"، وانتزعت أنظار العالم على كأس تجوّل 92 عامًا منذ إطلاقه خارج حدود العرب. يُعدّ نجاح حفل افتتاح هذه البطولة صكًّا تاريخيًا لقطر كنموذج جديد للقوّة الناعمة. دولة حشدت معايير القوّة لديها، وبَنتها في أقلّ من 20 عامًا وصَقلتها اقتصاديًا وثقافيًا ودبلوماسيًا وتنمويًا، لتُثبت للمجتمع الدولي - بكلّ مكوّناته من دولٍ وأُممٍ ومنظمات وأفراد - أنّ قوّة الدولة في سيادتها. 20 نوفمبر 2022، يوم تاريخي، ليس بالثناء وإنما بالفعل، فقبل أسبوعين من انطلاق هذه البطولة، شهدت قطر حصارًا شبه سياسيّ وإعلامي ودوليّ مُناهضا، دخله الأغيار من نوافذ عديدة، منها حقوق العمالة الوافدة، والشذوذ، ووجود الإعلام الإسرائيلي، وغيرها الكثير من الدهاليز. ورغم كلّ ذلك، تجاوزت الدبلوماسية القطرية هذا الفخ بنجاح لافت. فخٌ، نصبه من "تأبطّوا شرًا"، لكنّ قطر استخدمت قوّتها الذكية لترد على هذه الادعاءات باحتراف من خلال القيّمين على تنظيم هذه البطولة والمتحدثين باسمها وشركائها في الفيفا، فيما تابع الجهاز الدبلوماسي عمله، وحفاوته، وترحيبه بالأشقاء والأصدقاء ومن يضمر له أيضًا العداء. نجحت قطر بالحصول على حقّ بطولة كأس العالم، لدرجة اعتبر فيها البعض هذا الفوز استفزازًا دبلوماسيًا، وأن ما قامت به قطر هو تحدٍ لقوانين الطبيعة. قوانين وأعراف تحكم مسار العلاقات الدولية، فالغرب يُخطط وبقية العالم عليه التنفيذ، الكبار يضعون قواعد اللعبة، والصغار يلعبون في الهامش المُحدد لهم، ومقابل ما نحصل عليه من حقوق، لا بُدّ لنا من دفع امتيازات في عالم النفط والغاز والمواقف السياسية. لقد استضافت قارة أوروبا بطولة كأس العالم لكرة القدم 11 مرة، ومرتين منها كانتا من نصيب ألمانيا الغربية، ومن ثم ألمانيا ما بعد سقوط جدار برلين، وفرنسا نالت حصتها أيضًا من تلك الاستضافة. أما قارة أمريكا الجنوبية التي استضافت فيها الأوروغواي أول بطولة لكرة القدم في العالم وكان ذلك عام 1930، فاستضافت هذا الحدث 5 مرّات فقط، وتوزعت الحصة الثلاثية بين الأوروغواي والبرازيل والأرجنتين، وكان لقارة آسيا نصيبها عام 2002، لينتقل كأس العالم ضيفًا إلى أفريقيا عام 2010، ومن ثم البرازيل عام 2014، وروسيا 2018، ومن ثم منطقة الشرق الأوسط وقلبها النابض بالعروبة. بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022، غيّرت قواعد اللعبة الدولية، وفي جعبتنا البطاقة الصفراء للمتسللين، والحمراء للمعتدين، والخضراء للاعبين.. ولتنطلق اللعبة.