12 سبتمبر 2025
تسجيللم يستطع بومحمد التحمل أكثر من ذلك، فقد بلغ الخمسين من العمر وما زال يكابر بأنه حديد النظر ويستطيع أن يرى النملة السوداء على الصخرة الصماء من بعد، ولكنه أخيراً رضخ إلى الأمر الواقع وقرر أن يذهب لطبيب العيون للكشف على حدة إبصاره ليصف له مقاسات النظر الصحيحة والدقيقة لحالته، وبالفعل قام بالاتصال بمركز الاتصال الخاص بالمواعيد، وأترككم مع ما جرى مع المواطن بومحمد. مركز الاتصال: "ألو، السلام عليكم أهل بك في مركز الاتصال معاك عليا ممكن الاسم من فضلك". بومحمد: "وعليكم السلام بومحمد ولد محمد"، مركز الاتصال: "أهلاً وسهلاً أخوي كيف ممكن أخدمك". بومحمد: "والله يا أختي ابغي موعد مع دختور (أي طبيب) العيون". مركز الاتصال: "إن شاء الله أخوي ممكن رقمك الصحي لو سمحت". بومحمد "يتميلح" بلغته الانجليزية: "هوتيل شارلي فور ثري زيرو زيرو ثمانية". مركز الاتصال: "طيب أخوي، لازم تشوف دكتور عام علشان يحولك لطبيب العيون". بومحمد مستغربا: "أختي أنا ما اشكي من شيء ابغي بس دختور العيون يفحص عيوني علشان ابغي اسوي كشمات (أي نظارات طبية)". مركز الاتصال: "صحيح أخوي بس النظام لازم تشوف طبيب عام الأول وهو بيحولك لطبيب العيون". بومحمد: "بس هلشكل يا أختي تضييع لوقت وجهد الطبيب العام وزيادة ضغط عليه بدون داعي، لأن مشكلتي في عيوني أبغي فحص نظر، يعني الأمر ما يحتاج كل هل الروتين". مركز الاتصال: "آسفة أخوي بس هذي الإجراءات المتبعة". بومحمد: " دام هذي الأوامر خلاص توكلي على الله عطينا موعد مع الطبيب العام". مركز الاتصال: "إن شاء الله أخوي، طيب تبغي الموعد بالهاتف ولا بالحضور الشخصي". بومحمد: "ما يحتاج أروح للدكتور بالتليفون يكفي أختي" مركز الاتصال: "براحتك أخوي، أنت مسجل على مركز الجامعة الصحي صح". بومحمد: "أيه نعم أختي". مركز الاتصال: "طيب أخوي موعدك تاريخ 13 الشهر الجاي". بومحمد: "عسى ما شر أختي شدعوه موعدي مع طبيب عام وبيكلمني بالتليفون علشان يعمل لي تحويل لازم انطر اكثر من عشرين يوما، انزين ما دام المراجعة بالتليفون شوفي لي أي طبيب متاح في أي مركز ثاني حتى لو في الشمال ولا بوسمرة". مركز الاتصال: "آسفة أخوي ما أقدر أعمل لك موعدا إلا مع المركز اللي انت مسجل فيه". بومحمد: " أختي جزاج الله خيرا تكلمي بالعقل والمنطق، ما دام إن الموعد مكالمة هاتفية شلي بيفرق يعني إذا في مركزي ولا مركز ثاني إذا فيه طبيب متوفر في وقت أقرب من الشهر الجاي". مركز الاتصال: "آسفة اخوي هذي هي التعليمات". بومحمد: "طيب ممكن انت ما عندج الصلاحية تقومين بهذا الموضوع فحوليني على المسؤول أو المشرف من فضلج يمكن تكون عنده صلاحية ويساعدني ألاقي موعد قريب". مركز الاتصال: "طيب أخوي بحطك على الانتظار دقيقة". وبعد مرور اكثر من دقيقة..... مركز الاتصال: "آسفة على التأخير أخوي، ممكن آخذ بياناتك وراح يتصل فيك المسؤول إن شاء الله، ممكن الاسم ورقم الهاتف والرقم الصحي". بومحمد: " أختي عندج على السيستم (النظام) كل هل المعلومات وعطيتج إياها أول ما كلمتج". مركز الاتصال: "طيب أخوي أي خدمة ثانية". بومحمد: " شكراً بس أكيد بيتصل المسؤول" مركز الاتصال: "بإذن الله أخوي وشكرا لاتصالك". انتهت المكالمة وما زال بومحمد ينتظر اتصال المسؤول منذ اكثر من أسبوع، وفي النهاية توجه بو محمد لمستشفى خاص ودفع فيه "دم قلبه" كما يقال لعمل الفحوصات المطلوبة. الأعزاء وزارة الصحة لا يستطيع أحد في دولتنا الحبيبة إنكار الجهد والتعب المنقطع النظير الذي بذلتموه لمواجهة جائحة كورونا، فقد سطرتم بأحرف من نور مدى تفانيكم في عملكم وأثبتم بما لا يدعو للشك حرصكم على أن تكونوا فعلا الخط الدفاعي الأول لحماية قطر من كل مكروه، ولكن يا أعزائي بالرغم من تغلبكم على أشد الجوائح فتكا إلا أنكم ما زلتم غير قادرين على حل معضلة المواعيد التي يعاني منها المواطنون بشكل خاص، فهل يعقل أن يكون أقرب موعد لمراجعة طبيب الأسرة هاتفيا بعد أسبوعين وثلاثة، ولماذا لا يستطيع المريض حجز المراجعة الهاتفية مع طبيب آخر يكون وقته متاحاً حتى لو كان في مركز طبي غير المركز المسجل فيه المريض، خصوصاً وأن جميع بيانات المريض مربوطة في نظام واحد تسمح لأي طبيب بالاطلاع عليها. من جهة أخرى لماذا لا يتم عمل منصة خاصة للمراجعات الطبية التي لا تحتاج التواجد الشخصي للمريض، تقوم هذه المنصة على التعامل مع الحالات العادية وغير العاجلة والتي لا يحتاج فيها الطبيب للكشف على المريض، وأن تكون هي خيار المرضى المراجعين في حالات مثل طلبات التحويل للعيادات التخصصية، فمثل هذه المنصة ستوفر الكثير من الجهد والوقت على الطبيب والمريض. وختاما أقول: سعادة وزيرة الصحة، تعجز الكلمات عن وصف الجهد والتفاني الذي بذلته وما زلت تبذلينه لخدمة وطنك ومجتمعك، وإنني على ثقة بأن سعادتك قادرة على إيجاد الحلول الناجعة لمشاكل المواعيد الطبية التي تقلق إخوانك وأخواتك المواطنين والمواطنات، وتقبلي مني الشكر والتحية. @drAliAlnaimi