15 سبتمبر 2025

تسجيل

الجزيرة أميرة لا وزيرة !

21 نوفمبر 2018

كلنا نتابع قناة الجزيرة، ونرى كيف مثلت كبرى القضايا في المنطقة محور اهتمام لهذه القناة التي تضمنت مطالب دول الحصار من قطر إغلاقها إلى جانب إغلاق كافة القنوات التابعة لها، واليوم نرى كيف تمثل قضية اغتيال السعودي جمال خاشقجي الأولوية الأهم على شاشتها، وأكاد أجزم أنه لولا المتابعة الحثيثة للجزيرة في تتبع أخبار هذه الجريمة المروعة وعرض مستجداتها ومناقشتها بهذه الصورة الموسعة لطُمست هذه القضية خليجيا وعربياً وما كان ليصلنا منها سوى ما يمكن أن نتابعه على وسائل إعلام أمريكية وغربية، وفي قضية خاشقجي بالذات كان تميز الجزيرة واضحاً لكنه كان بلاشك التميز الذي أزعج الجارة الكبرى وساهم في الضغوط السياسية عليها من وراء تغطيتها المستمرة لتداعيات أبشع جريمة يمكن أن يتصورها عاقل لمواطن دخل قنصلية بلاده والتي كان يمكن أن تكون حامية له بعد الله في بلاد الغربة، لكنه لم يخرج منها سوى جثة مقطعة وربما كانت مذابة بأشد أنواع المواد الكيميائية حرقاً والعياذ بالله، وبتنا نتفهم جيداً لم سعت دول الحصار إلى تضمين إغلاق قناة الجزيرة أحد مطالبها المضحكة لإعادة العلاقات معها والأهم هو رفض سمو الأمير -حفظه الله- هذا المطلب إلى جانب رفضه باقي المطالب التي مست بصورة مباشرة السيادة القطرية التي لا تسمح لكائن من كان الاقتراب منها ولو بالإشارة أو اللفظ، فالجزيرة انطلقت منذ عام 1996 منتهجة حرية الرأي والكشف عما تخشى الحكومات العربية فضحه للرأي العام، ولأننا خليجيا وعربيا لازلنا نتحسس من هذه المصارحة وتلك المكاشفة بين الحكومات والشعوب ونعتبر كل معارضة منطقية خروجا عن الحاكم لم يتقبل كثيرون الخط الإخباري الذي خرجت عليه قناة الجزيرة ولا زالت تنتهجه منذ انطلاقتها المباركة. بالأمس اضطر عادل الجبير وزير خارجية السعودية للاعتراف تحت زلة لسان كما قيل عنها بمصداقية قناة الجزيرة وإن كل ما تغطيه في قضية خاشقجي هو ما تقره الرياض بشأنها مما دعا جموع المتابعين لإظهار خيبة أملهم بما قاله وزيرهم المتلعثم، وانقلب الحال من تكذيب لما تقوله الجزيرة في تقاريرها وتغطياتها إلى إقرار بمصداقيتها وما تأتي به في قضية جمال التي غفل الملك سلمان كما هو متوقع عن ذكرها في خطابه لمجلس الشورى السعودي، الذي تناول كل شيء ما عدا ما يمثل اليوم تهديداً لمصداقية النظام السعودي الذي يتولى هو شخصيا رأس الهرم فيه شكلياً بينما يتولى ولده المدلل المتهم بالآمر الفعلي لجريمة القنصلية الحكم فعلياً واتخاذ القرارات التي كانت كفيلة بوصول المملكة إلى الدرك الأسفل من ثقة العالم بها، ونحن لا نستغرب هذا التجاهل المتعمد من عاهل المملكة لقضية تصفية مواطنه في القنصلية السعودية في تركيا لأنه على ما يبدو قد ترك المهمة لوزير خارجيته الذي ابتدر كلامه محذرا من المساس بالملك سلمان وولي عهده وأن التعدي عليهما هو خط أحمر ليس على الجميع تجاوزه بأي شكل من الأشكال، موضحاً أن تركيا قد أخبرته بأنها لا تعني ولي العهد السعودي في شكوكها التي ترمي بوجود آمر فعلي للجريمة فهل علينا أن نصدق من افترى على دولة بأسرها وفرض حصاراً في فجر رمضاني أمن فبرك أقاويل لأمير هذا البلد وخوّن شعبه وقيادته ورمى عليهم بتهم الإرهاب بما يقوله عن نزاهة نظامه أم إن علينا أن نؤمن بمصداقية وأمانة ما تنقله الجزيرة ونترجم الهجوم الذي تتعرض له من السعودية على أنه شهادة وافية الأركان بكمالها الذي تعاظم على مر السنين بشهادة دول الحصار أنفسهم ؟!. لا نعلم إلى أين يمكن أن تصل الجزيرة في تغطيتها الحالية لهذه الجريمة لكنني آمل أن تستمر على نفس المنوال الذي بدأت به وإن كنت شخصياً قد بدأت أعذر كل من طالب بإغلاقها نظراً لمشاعر الحساسية التي تصيبه في مقتل وقد تسهم بصورة أو بأخرى في الوصول لجميع أبعاد هذه القضية وإغلاقها بالصورة التي ترضي أحرار العالم إلى جانب أهل خاشقجي رحمه الله والرغبة في أن تفكر الرياض قبلها مليون مرة قبل أن تسن منشارها لاستدراج وقتل وتقطيع معارض آخر فر من جحيمها واستقر خارجاً !. ◄ فاصلة أخيرة رحم الله جمال خاشقجي.. الصوت الحر الذي كان يمدح بن سلمان أكثر مما ينتقده !. [email protected]