16 سبتمبر 2025

تسجيل

نقل المعرفة وهجرة العقول

21 نوفمبر 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); توضح البيانات أن الدول العربية تسهم في ثلث هجرة الكفاءات من البلدان النامية وأن 50 في المائة من الأطباء و23 في المائة من المهندسين و15 في المائة من العلماء من مجموع الكفاءات العربية المتخرجة يهاجرون إلى أوروبا والولايات المتحدة الأميركية وكندا بوجه خاص وأن الأطباء العرب العاملين في بريطانيا يشكلون نحو 31 في المائة من مجموع الأطباء العاملين فيها. وهجرة العقول مرتبطة بموضوع يعتبر الوجه الآخر له وهو المعرفة التي تنقلها هذه العقول معها ومعها تنتقل المعارف الاقتصادية وتتطور استخداماتها في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية في الدول التي تهاجر إليها، وهو الأمر الذي يثير بدوره جملة من التساؤلات حول موقع دولنا العربية على هذه الخارطة. إن المتغيرات والتطورات الاقتصادية العالمية بما في ذلك اتفاقية منظمة التجارة العالمية تدفع للحديث عن أهمية امتلاك القدرات التقنية والتكنولوجية والأسلوب الذي يتم التعامل به مع موضوع نقل المعارف التكنولوجية نظرا لما لهذا الموضوع - القدرات البشرية التقنية والتكنولوجية وليس الموارد التقنية الأولية - من أهمية متعاظمة في تقرير حجم المقدرة التنافسية للدول كافة. إن إحدى النتائج الرئيسية التي سوف تنجم عن التطبيق الكامل لاتفاقيات منظمة التجارة الدولية هو التقلص التدريجي لأهمية المزايا النسبية التي تتمتع بها الكثير من الدول في مجال انخفاض تكلفة الخامات أو العمل أو التطور التقني، وبالتالي تقلص مقدرة صادرات هذه الدول على المنافسة في الأسواق العالمية. في المقابل إن القدرات البشرية التقنية والتكنولوجية سوف تزداد أهميتها في تقرير حجم المقدرة التنافسية لهذه الصادرات سواء السلع أو الخدمات.إن للتكنولوجيا حياة اجتماعية قبل أن تصبح فاعلة "كقوة لها تأثير" فالآلات هي جزء من أنظمة أصبح تطويرها واستخداماتها والمعاني التي توحي بها منبثقة من القدرات البشرية على استيعابها وتوظيفها توظيفا صحيحا. أما التركيز على استخداماتها فيميل إلى تصوير المنطقة كمجرد مستهلك للتكنولوجيا، وتصوير التكنولوجيا كمتحول مستقل، (صندوق أسود).وبالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي، فإن تنمية المجتمع وتحقيق استقلاله يتطلبان من هذه الدول ألا تعمل فقط على نقل واستخدام المنتجات التكنولوجية، بل ينبغي توفير الأجواء المناسبة لتجذير التكنولوجيا وابتكارها محليا، مع استثمار الموارد والإمكانات البشرية المحلية في تحقيق ذلك، وحتى يمكن لهذه الدول الاضطلاع بذلك ينبغي عليها أن تعمل جاهدة على خلق بيئة متكاملة لتشجيع الابتكارات والبحث العلمي من جهة والحصول على التكنولوجيا والمهارات الفنية والإدارية المناسبة التي تسهم مساهمة فعالة في بناء وتنمية قدرات بشرية تكنولوجية وطنية من جهة أخرى. إضافة إلى إيجاد هيكلية مؤسسية متسقة تمكن القدرات التكنولوجية الوطنية العمل من خلالها علي تطويع وأقلمة التكنولوجيا المستوردة لتحقيق التنمية المنشودة. ولكي نعود لربط موضوع نقل المعرفة بما بدأنا به هذه المقالة وهو هجرة العقول، نقول إن الأهم من عقود التكنولوجية هو تسكين العقول والمواهب البشرية الخليجية وفسح المجال أمامها للمساهمة ليس في نقل التكنولوجيا بل في تملكها وتوطينها وهذا هو الأهم. قد لا تكون الدول الخليجية تعاني بصورة بارزة من ظاهرة هجرة العقول ولكن ظاهرة عدم الاستفادة من المواهب والإبداعات البشرية هي ظاهرة لا تزال موجودة بعد وتعتبر نوعا من الاستنزاف للثروات الوطنية، وهذا الموضوع بحاجة إلى استراتيجيات وطنية وأخرى خليجية للتعامل معه، وهو حديث يطول قد نخصص له مقالات لاحقة.