11 سبتمبر 2025

تسجيل

"السوريون" بالخرطوم

21 نوفمبر 2016

زادت قناعتي بأن مدينة الخرطوم من المدن القلائل في العالم الجاذبة للبشر مرحبة بهم رغم أوجاع اهلها... فخلال زيارة سريعة للعاصمة المثلثة للسودان وبرغم معاناة الحياة اليومية وضغوطات المعيشة فان كثيرا ممن التقيتهم من الاخوة والاخوات من سوريا الشقيقة تشع من اعينهم علامات الرضا وجدتهم بالمقاهي ووسائل المواصلات العامة وامام الجامعات وفي الطرقات والازقة والمساجد والاسواق.. دخلت لمطعم صغير يقدم خفايف ومعجنات قلت لصاحبه كيف هي حياتكم؟.. قال لي نحن هنا نعامل معاملة السوداني في كل الاجراءات التجارية ولا تعوق اعمالنا اي معوقات ولله الحمد وعلاقاتنا الاجتماعية والانسانية في قمة الرقي "فالزول" انسان ودود حتى الشخص البسيط يعاملنا بمودة ولا يشعرنا بأننا غرباء واسرنا نسجوا علاقات ممتازة بالجيران ويمارسون حياتهم بسلاسة كما اطفالنا بالمدارس والشارع في امان. . رغم ان كثيرا من الشباب السوداني يعاني من البطالة والاختناقات الوظيفية ولو تم اجراء احصاء دقيق لوجدنا ان قوائم العاطلين ومن كل الاعمار تتزايد بوتيرة مزعجة الا ان اللاجئ السوري وجد ضالته وصنع لنفسه مكانه في سوق العمل فالشعب السوري عرف عنه اتقانه الصناعات الصغيرة والمخبوزات وتشغيل المطاعم واعمال البناء والديكور ومشغولات الحديد والاخشاب الخ، لذلك حقق نجاحا واضحا وأوجد لنفسه فرص العمل، وأسهمت طيبته والتزامه وتفهم المجتمع السوداني للحالة السورية وما يمر به هذا الشعب العربي الشقيق من آثار الحرب التي زلزلت كيانه وشتته في بقاع العالم في اندماجه بالشعب السوداني، فركبوا الصعاب وقساوات الدمار وفقد الارض والاهل.. ان السوريين في الشتات يعانون اوجاعا تنقلها لنا الفضاءات ليل نهار هي دمار حقيقي فليس اقسى ولا اصعب من اقتلاع شعب من جذوره... دول كثيرة فتحت أذرعها لايوائهم ولكن احسب ان الخرطوم احسنت وفادتهم بمعاملتهم معاملة المواطن تجاريا واستثماريا وبعفوية وتعاطف إنساني في الشارع والمدرسة فامتصت شيئا ولو قليلا من رهق يعيشه اخوتنا ويحسه كل من في قلبة نبض إنساني.همسة: واثقة أن لك ايتها الخرطوم سحرا واسرارا لا يستطيع كثير من العواصم مجاراتك أو فك طلاسمها