14 سبتمبر 2025

تسجيل

تأثير التقلبات المناخية على أزمة الغذاء

21 نوفمبر 2012

التقلبات المناخية أثرت بلا شك على النمو المتوقع للغذاء والمياه والإنتاج الزراعي، فقد توقعت تقارير دولية أن يترك التغير المناخي آثاره على المقدرات الطبيعية للدول، وقد تؤدي قضايا البيئة من الاحتباس الحراري وارتفاع درجة حرارة الأرض والفيضانات والسيول والجفاف إلى سلسلة من الأزمات في الإنتاج غير متوقعة تترك آثارها على الأسواق. من أبرز التأثيرات التي يبذل الخبراء جهوداً لاحتوائها هي التذبذب الإنتاجي وخلل في أسواق التصدير وتفاوت في بيانات الإنتاج الغذائي والزراعي، وما نلحظه اليوم من خلل في أنظمة الغذاء العالمي وأثرها على الأسعار، التي تسببت فيها مشكلات البيئة من الانبعاثات الكربونية ونقص المياه وغياب المسطحات الخضراء وتراجع إنتاج المحاصيل أو تضرر الكثير من الأراضي الخصبة ونقص المياه، أضف إلى ذلك تباين السياسات المعنية بالغذاء رغم الجهود الدولية لتقليل الفجوة. ترتبط حلول التقلبات المناخية ارتباطاً وثيقاً بمشكلات نقص المياه وإمدادات الغذاء، لكونه مؤثراً في الإنتاج الزراعي والذي سينعكس بدوره على الثروة الحيوانية التي تعيش على النمو الزراعي وتقدم مؤشراته. تبدو ملامح الأزمة الغذائية في تراجع إنتاج المحاصيل وموجات الجفاف التي ضربت مناطق زراعة الحبوب في أمريكا وروسيا، والتراجع المستمر في المخزون العالمي من السلع الغذائية في السنوات الأخيرة، وتعاقب موجات الحرارة والجفاف وزيادة الضغط على موارد البيئة من غابات وسهول ومزارع، والاضطرابات التي يشهدها الشرق الأوسط، وعدم استقرار مناطق الإنتاج الزراعي، وتردي الوضع البيئي في الدول المتضررة، وارتفاع أسعار معدات الزراعة من الأسمدة والطاقة والآليات والمصانع وارتفاع تكاليف النقل والتصنيع وغيرها. ويرى اقتصاديون أنّ الأزمة المستقبلية هي تأثير ارتفاع أسعار النفط على الإنتاج بمختلف أشكاله، وتحول استخدامات الأراضي الزراعية إلى الاستخدامات الصناعية والتجارية، والزيادة السكانية، وتزايد متطلبات الحياة المعيشية من إنتاج غذائي يلبي الحاجة الحالية ويكفي كمخزون طويل الأمد. بالرجوع إلى التقديرات.. تقدر قيمة الفجوة الغذائية في التسعينيات بمليار دولار في 1990، والتي ارتفعت إلى "12،0"مليار دولار في 1999، واتساع الفجوة الغذائية إلى "13،5"مليار دولار 2000، ثم "18،1"مليار دولار في 2006، وقد تصل قيمة الواردات الغذائية إلى "114" مليار دولار في 2020 وهي ستة أضعاف ما كانت عليه في 2006. إزاء هذه المتغيرات تبحث دول مجلس التعاون الخليجي كيفية وضع آليات لاحتواء الأزمة الغذائية في ظل التقلبات المناخية، خاصة ًأنها من الدول التي ترتفع فيها قيمة الواردات الغذائية، وتدرس تحديد مواصفات السلع الغذائية الأساسية، وتحديد المناطق التي يمكن إقامة مشاريع تصنيعية وتخزينية فيها. كما تبحث دول التعاون أيضاً سبل تطوير الإنتاج الحيواني الذي يقوم على المكونات الزراعية والمائية والبيئية، وبناء أراضٍ زراعية أو حقول إنتاجية في الخارج لتكون بمثابة استثمار زراعي بعيد المدى، كما تسعى لصياغة سياسات موحدة للمشكلات التي يمر فيها عالمنا اليوم. ففي اجتماع دول التعاون مؤخراً بحث المعنيون كيفية تحقيق الأمن الغذائي في ظل عصر يموج بالتقلبات المناخية والمالية والاقتصادية وعدم الاستقرار، وأنه من الضروري تشكيل فرق تنسيقية بين دول التعاون والجهات الدولية لدراسة آلية رسم خريطة للأمن الغذائي، وصياغة رؤى تتوافق مع تراجع الأداء الاقتصادي والمالي اليوم، وتلبي احتياجات النمو السكاني، وأكد الباحثون على إعطاء دور أكبر للقطاع الخاص لتحقيق الأمن الغذائي ليقف جنباً إلى جنب والدور الحكومي. أما الرؤى المستقبلية فتشير تقارير دولية إلى أن الأزمات الغذائية والمائية والمالية ستأخذ منحى أكبر مما هي عليه اليوم، وإزاء تلك التوقعات سترتفع فاتورة الإنتاج الغذائي والاحتياجات السكانية، وأن هذه الزيادة يقابلها تراجع في مستويات الحلول الدولية التي تقف عند حد المقترحات دون آليات عمل مجدية، وأن الاستقرار الإنتاجي يتطلب توحيد السياسات التجارية الخارجية سواء تصديرية أو استيرادية ودراسة إعداد مخزون استراتيجي يتوافق مع الظروف الاقتصادية الحالية وفتح أسواق جديدة تقوم على الكفاءة والتسويق وتتلافى المخاطر وبناء اتفاقيات دولية أكثر تكيفا مع الواقع.