11 سبتمبر 2025

تسجيل

السـودان والخروج مـن عنــق الــزجـاجة !

21 أكتوبر 2020

من الجميل أن يفكر ترامب وهو المُقدِم على حرب انتخابية يمكن أن يخرج منها منتصرا ويجلس على قلب العالم لأربع سنوات قادمة أخرى، أو يخرج منها بحثاً عن زاوية ضيقة ليتوارى عن أنظار نفس هذا العالم الذي سيكون حينها يحتفل بمنافسه العنيد جو بايدن، الذي يبدو حتى الآن وبحسب المؤشرات العامة لحملته الانتخابية أقرب إلى البيت الأبيض من الذي يمكن أن يقال عند فوزه بالحكم أنه سلفه، أن يرفع اسم (السودان) الشقيق من القائمة السوداء الأمريكية التي تضم دولا وأفرادا رعاة وممولين للإرهاب، وضعتهم واشنطن ضمن الذين يخضعون لعقوبات مباشرة جراء دعمهم للإرهاب، بحسب النظرة الأمريكية التي وضعتها الولايات المتحدة لدول ومنظمات وأفراد، وقاست بمفهومها أن كل هذه الجهات تستحق هذه العقوبات، ولا يمكن طبعا أن نتجاهل إيران التي تتصدر هذه القائمة الأمريكية التي لم تكتف بتضمين اسم طهران سطورها، بل إنها عمقت من عقوباتها ضدها وهددت بعقوبات لمن يخترق سد هذه العقوبات، ونفذت فعلا عقوبات لعدة جهات انتهكت قانون واشنطن لمعاقبة إيران، واليوم تلوح برفع اسم السودان من هذه القائمة التي تضمنت اسمها بعد اتهامات مباشرة للخرطوم بضلوعها المؤكد في تفجير السفارتين الأمريكيتين في كينيا وتنزانيا عام 1998، والاتفاق الذي يجري حاليا في ملف تسوية تعويضات ضحايا التفجيرين بعد أن أوضحت وزيرة الخارجية السودانية أسماء محمد عبدالله أن وفدا سودانيا رفيع المستوى التقى في وقت سابق هذا الاسبوع بمحامي عائلات الضحايا وممثلين عن الخارجية الأمريكية للاتفاق على إغلاق هذا الملف بصورة مرضية لهؤلاء، لكن مصدرا أمريكيا رفيعا قال إن هذه الخطوة ليست كافية لرفع اسم السودان من هذه القائمة لا سيما، وأن الخرطوم كانت قد تورطت بحادثة تفجير المدمرة الأمريكية العملاقة والمعروفة بالأحرف (USS ) التي تفجرت قبالة سواحل مدينة عدن اليمنية عام 2000؛ مما أسفر التفجير عن مقتل 17 من بحارتها، وأن هذين الملفين لا يزالان عالقين أمام تسوية سريعة، لا سيما وأن السودان قد وقع تحت طائلة هذه القائمة السوداء منذ عام 1993 منذ أن تم اتهامه بارتباطه المباشر بمنظمات إرهابية على رأسها تنظيم القاعدة، ورغم على ما يبدو أن الخرطوم واثقة جدا من قرب هذه الخطوة التي يمكن فعلا أن تحل معها مشكلات كثيرة عالقة في هذا البلد العربي الأفريقي الذي تعرض إلى انقسامات جغرافية ومشكلات حدودية وإقليمية، لا سيما ما يدار اليوم حول خلافات وصلت أصداؤها إلى ردهات مجلس الأمن، وهي تبعات سد النهضة الذي يتنازع حوله بجانب السودان دولتان جارتان له هما مصر وإثيوبيا، ولا يبدو أن المستقبل القريب يمكن أن يكشف المزيد عن هذا الموضوع لا سيما وأن ترامب وكما أسلفت يخوض حربا انتخابية لا يريد أن يستقبلها وقد عفا عن قاتلي ضحايا أمريكيين يمكن أن يقوض ضده غضب الشارع الأمريكي الذي يرى في رؤسائه الذين تعاقبوا على حكم البيت الأبيض تهاونا في استرداد ثأرهم من هؤلاء الذين يستهدفون الدم الأمريكي في العراق وأفغانستان وسوريا، ويرون دائما في التسويات المالية أمرا كافيا للحق الشعبي والرسمي دون أن يبالغوا بعقوباتهم على هذه المنظمات والدول، ولذا فأنا شخصيا أشك أن يقدم ترامب على هذه الخطوة المتسامحة نوعا ما قبل أن يؤسس قدمه من جديد على بلاط الحكم الأمريكي، وإن كان هناك أي خطوة مستقبلية قريبة في رفع اسم السودان من القائمة الأمريكية فإنها ستكون في النصف الثاني من حكم ترامب فيما لو فاز، وإلا فإن المهمة ستُرمى على عاتق خلفه بايدن الذي لا أراه أكثر تسامحا، وإنما بحسب ما نراه اليوم فهو لا يكف عن التهديد والوعيد والنذير الأسود، وسيبقى علينا أن ننتظر إما أن يرضى الأمريكيون عن العرب فيخرجوا من عنق الزجاجة، أو يظلوا عالقين في منتصفها ينتظرون دفعة من الأسفل منجية أو نفخة من الأعلى مهلكة، وكان الله دائما وأبدا في عون العرب!. ‏[email protected] ‏@ebtesam777