17 سبتمبر 2025
تسجيلمن أجمل المشاريع التي أنشئت في قطر، مع الأسف لم يستمر، كان هدفه إعداد جيل من الفنيين تحتاجه الدولة. رأيت كثيرا من الشباب ذوي المهارات الجديدة في الكهرباء والحدادة والنجارة، لو قدر له أن يستمر، وأن يدعم، لحقق نتائج باهرة. هناك اليوم مدرسة التقنية على ما أعتقد «الصناعة» سابقا، إلا أنها لا تأخذ نفس الزخم من الاهتمام، والسبب ليس قصورا في الدولة، ولكن في نظرة الناس للعمل اليدوي بشكل خاص. وهناك سبب آخر، هو التغير في نفوس الشباب بسبب نمط الاستهلاك المسيطر اليوم على جميع مناحي الحياة الاجتماعية. الأجيال السابقة، كان لديها استعداد وتقبل بعض الشيء للعمل اليدوي، حيث لم تنغمس في الاستهلاك، ولو كان هناك رعاية حقيقية من ناحية الأجور والدرجات الوظيفية لهذه الطبقة المهنية المتوسطة، لامتلكنا كثيرا من الفنيين في جميع المجالات. العجيب أن معظم الفنيين من الأجانب، سواء من الأوربيين أو الآسيويين، كانوا بمستوى «البوليتكنيك»، وهي معاهد متوسطة بمستوى مركز التدريب والتطوير السابق. لكن المجتمع كان يرى من خلال عقدة الأجنبي، فنعاملهم معاملة كبار المهندسين والمشرفين، في السكن وفي الأجور. عندما كنت مسؤولا في إحدى المؤسسات التي كان يعمل بها عدد من الإنجليز، والذين كانوا يحتلون أعلى المناصب، حين سألت عن شهاداتهم فوجئت أنهم لا يمتلكون في أحسن الأحوال شهادة «البولتكنيك»، وفوجئ بعضهم بالسؤال، حيث كان يعتقد أن جنسيته تكفي؟! أعرف شبابا تخرجوا من مركز التدريب على درجة عالية من الفنية في العمل، سواء الكهربائي أو الأعمال الفنية الأخرى، أذكر أنني في بداية عملي بعد الثانوية، وقبل التحاقي بالجامعة، كنا في حاجة ماسة لكهربائي لإصلاح الإضاءة في مكتب الوزير، وتم إحضار أحد الشباب، والذي كان يلبس «البلسوت» الأزرق، ومعه معداته، وأخذ في العمل مدة، أعتقد أنها طالت بعض الشيء، فصحت به: «رفيق متى فيه خلاص» لأفاجأ برده العنيف قائلا: « اشفيك أنا قطري مثلك». تمنيت ساعتها لو أن الأرض تنشق وتبتلعني، لم أتوقع قط أن هذا الشاب قطري، وكنت أعتقد أنه آسيوي بلا جدال، لم أكن متعودا على رؤية شاب قطري يلبس هذا وبيده «سكاريب ومسامير وأسلاك». أدركت ساعتها أننا كمجتمع، أحيانا نكون جزءا من المشكلة التي نسعى لحلها، ونبحث بعيدا، بينما نحن نعيش الإعاقة في داخلنا قبل كل شيء. [email protected]