11 سبتمبر 2025
تسجيللأول مرة أتمنى أن يكون كل ما سيتضمنه مقالي هذا كذب وافتراء! ربما يتساءل البعض لم هذه الأمنية التي تبدو غريبة بعض الشيء ولكني أجد نفسي مصممة عليها بل وأدعو الله أن يتغير الأمر ويأتي على عكس ما سأقوله في هذه الزاوية التي لا يبدو أنها ستتوقف عن الحديث عن فارس الكلمة المغدور به السعودي جمال خاشقجي حتى إظهار حقيقة مقتله في قنصلية بلاده في اسطنبول . ببساطة يرى كثيرون أن الأمور في قضية مقتل الصحفي خاشقجي تذهب إلى تنفيذ اتفاق تركي سعودي أميركي سري يهدف إلى الخروج من هذه الأزمة بأقل الخسائر الممكنة والتي لا تمس بأي حال من الأحوال محمد بن سلمان مدبر هذا العمل غير الإنساني المروع وإصدار بيان تركي منفرد سيحاول من يصيغه أن يكون مقنعا ومدعما بالحجة والدليل وبعيد كل البعد عن كل ما يدين ولي العهد السعودي بصورة مباشرة للأسف ! ، فالمتتبع لسير الأحداث الجارية يجد أن التسريبات التي لم يؤكدها أو ينفيها الأتراك تذهب لإدانة مباشرة للحكومة السعودية وتحديدا لولي عهدها المتهور الذي يبدو أنه يعض أصابع الندم حاليا ويكاد يأكلها حسرة ولكن لا يظهر لي أن الأخبار الرسمية التي ستُجبَر تركيا على التصريح بها للرأي العام في النهاية ستكون مشابهة لما جاء في التسريبات التي عمد الجانب التركي على تمريرها للإعلام المحلي هناك ولوسائل إعلام أمريكية وغربية وأن المستجدات التي طرأت في القضية من تغليب المصالح كما أظن سيجعل مسار ما نأمله من البيان الرسمي إلى غير ما كنا ننتظره من أنقرة وأعني صعوبة تأكيد كل ما جاء في هذه التسريبات التي تتشاطر في الإعلان عنها المخابرات الأميركية والتي يأمل أعضاء في مجلس الشيوخ الأميركي ألا تكون متواطئة ضمنيا مع ترامب في تجميل صورة السعودية وإخفاء الحقيقة التي بات العالم كله متأكداً منها وهو أن مدبر جريمة قتل جمال خاشقجي هو محمد بن سلمان ولا أحد غيره ! . ربما يثور بعضكم على ما قيل أعلاه وأنه من المستحيل أن تعمد تركيا إلى إخفاء حقيقة مقتل خاشقجي عن العالم وأن هذا يبدو مستحيلا أمام ضغوطات الرأي العام التركي والمواجهة شبه اليوم التي تصطدم فيها الحكومة مع المعارضة التركية التي تتهم حكومة أردوغان بالتساهل مع الوقاحة السعودية التي تعدت على سيادة تركيا وارتكبت جريمة قتل في ممثلية دبلوماسية سعودية على أرضها بالإضافة إلى أن الكثير يرى في الموقف التركي ثباتا لا يجب أن تحيد عنه أنقرة مهما كلفها في هذا الكثير من العلاقات والاستثمارات المشتركة مع الرياض وهذا ما آمله وأتمناه شخصيا لكن أمام تصريحات ترامب المتقلبة وآخرها حتى هذه الساعة أنه لا يتعمد التغطية على السعودية إن كانت قد فعلت شيئا وما نتج عنه الاتصال الثنائي بين الملك سلمان والرئيس أردوغان ودراسة الأرباح والخسائر فيما لو قيلت الحقيقة أو تم التغطية عليها أرى أن كفة ما يمكن أن تخسره تركيا وأمريكا من الاعتراف بجرم الرياض أكبر مما يمكن أن تربحه وأعني على مستوى العلاقات الاقتصادية تحديدا لا سيما وإن الرئيس ترامب يرى أن استمراره في سياسة ( الحلب الأمريكي ) لأموال السعودية هي سبيل للحصول على ثروة هائلة يستطيع من خلالها توفير أربعين ألف وظيفة لأربعين ألف مواطن أميركي وفي المقابل هناك استثمارات ضخمة سعودية على الأرض التركية ولذا يتساءل الكثيرون كيف ستجازف أنقرة بكل هذا لأجل شخص واحد قد يمثل اليوم قضية رأي عام عالمي لكنه سيصبح نسيا منسيا في الغد وفور إعلان بيان مرتب لا ثغرة فيه ولا يتهم أحدا من السلطة في الرياض ؟!. وهناك من يراهن على أن موقف تركيا لن يحيد عن مبادئها في إظهار الحقيقة كاملة دون مواربة ولا موالاة لأحد وهذا ما عهدناه دائما من مواقف أردوغان في جميع القضايا التي واجه فيها إسرائيل وأمريكا وروسيا مجتمعة حتى جاءت جريمة خاشقجي المروعة وانقلبت الأمور ورأينا القس الأمريكي الذي تعهدت أنقرة بإبقائه مسجونا لديها حتى تكتمل إجراءات محاكمته وسجنه وكلنا سمعنا الرفض التركي الرسمي لأي تدخل في شؤونها القضائية حتى اللحظة التي أعلنت تركيا تبرئته وخروجه من تركيا آمنا مطمئنا في إشارة واضحة لتسييس القضاء لا سيما وأن ذلك كله ارتبط مع قضية خاشقجي رحمه الله وعليه تبدو الأوراق مبعثرة ولا يمكن استقراء الموقف التركي من هذه الحادثة هل ستباشر أنقرة المضي في الالتزام بمبادئها التي تعلن عنها دائما وتؤكد ما أعلنت عنه كل هذه التسريبات أم أن المصالح التي عادة ما تتصالح في مثل هذه الظروف ستكون الأرجح وسيخسر خاشقجي الفرصة الأخيرة لإعلان اسم قاتله الحقيقي دون أن يُرمى ذنب دمه على كبش فداء محتمل ما يجعلنا نقول : الله غالب ! . فاصلة أخيرة : العدل حقٌ وليس هبة ! . [email protected]