20 سبتمبر 2025
تسجيلفي 19 أكتوبر الجاري وفي ظل تحدٍ آخر تواجهه قطر بعد الحملات الإعلامية الدولية، تم في قرصنة كبرى هي الأولى من نوعها اختراق النطاق الخاص بالدولة، معطلاً خدمة الإنترنت على — "الدومين" الحكومي — "gov.qa" ومواقع الإنترنت التي تستخدم المجال qa، وموقع قوقل على النطاق القطري "www.google.com.qa"، والنطاقات القطرية على كل من www.domains.qa و www.name.com.qa وذلك عقب تعرضهم للسحب اختراقاً من قبل "الشبّيحة" قراصنة "الجيش السوري الإلكتروني"، المؤيد لنظام بشار الأسد، حسب إعلانهم عن ذلك على حسابهم في تويتر، وهم مجموعة هاكرز تستهدف بعملياتها المؤيدين للمعارضة السورية.. لم تكن دولة قطر هي الأولى المتعرضة لمثل هذا الاختراق، ولن تكون الأخيرة في حرب المعلومات والقرصنة الدولية السيبرنتية، "الافتراضية" مجاراة للأحداث السياسية في الميادين الواقعية، فقد اخترقت مواقع حكومية وإعلامية عالمية في عدد من دول العالم، لتحقيق مكاسب سياسية ومخابراتية أو اقتصادية حاقدة، وهي ما يطلق عليها "الحروب الذكية" أو cyber — war في زمن غدا فيه الوصول للمعلومة سهلاً، واختراقها أكثر سهولة.. ما يثلج الصدر أن وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في قطر كانت على قدر هذا التحدي، فقد استعادت المواقع التي تعرضت لعملية السحب من الذاكرة الكامنة الــ cache، مؤكدة سلامة معلومات وبيانات عملائها، ومعززة كامل جاهزية جهاتها المعنية بتأمين المواقع الحكومية الإلكترونية، في صد أي عمليات مماثلة حالياً ومستقبلاً، وأعلنت عن انها تقوم بهذه الحماية على مستوى الدولة عبر "فريق مواجهة الطوارئ الحاسوبية" المعروف باسم "Q — CERT" على صعيد القطاعين الحكومي والخاص في قطر، كما تعمل على مستوى الأفراد أيضاً، وذلك لضمان تكاملية تأمين هذه الجهات من المخاطر والتهديدات، وتأمين وحفظ المعلومات الحساسة على شبكة الانترنت.. وزارة الداخلية أصدرت بياناً عبر صفحتها على Twitter أكدت فيه أن بيانات المسجلين في خدماتها لم تتأثر بعملية تحويل الدومين، مؤكدة أنها جميعها سليمة وآمنة.. ولعل ما يثلج الصدر أيضا أن الحكومة في مظلتها العليا حريصة على أمن المعلومات، كجزء لا يتجزأ من حرصها الكبير على أمن هذا الوطن، ففي يوم 26 سبتمبر الماضي قام معالي رئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية بجولة في وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، اطلع فيها على سير عمل الوزارة وبرامجها وخطط توافق قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، مع رؤية قطر الوطنية 2030.. ولعل مثل هذه الاستطلاعات الدورية للحكومة في كافة الأجهزة مهمة، كما أن اهتمام الدولة بهذا القطاع يشير إلى أن حماية أمن قطر داخلياً وخارجياً، جزء لا يتجزأ في كافة مفردات ما يطلق عليه "الحكم الجيد"، بما فيها "أمن المعلومات" فيه، والذي توفر له قدرات وإمكانات بشرية وتقنية عالية، في تكاملية الشؤون الخارجية والداخلية للدولة، خصوصاً في ظل وجود أنظمة أمنية ووقائية، فضلاً عن وجود قانون داخلي ونظام لمكافحة الجرائم الإلكترونية، صغرت ام كبرت، على مستوى الأفراد أم على مستوى الدول، وقعت داخل نطاق الدولة أم خارج الحدود. وحتى التجاوزات الداخلية لمرتكبي الممارسات الإلكترونية الشاذة أو التشهيرية أو الإجرامية أعطى فيها قانون العقوبات القطري السلطة القضائية الحق، في ملاحقة مرتكبيها قضائياً وجنائياً، ويبقى مدى التطبيق القضائي على مخالفيها هو بيت القصيد في تأمين الأفراد والدولة. وأخيراً.. تجدر الإشارة إلى ضرورة الخروج من هذه التجربة بتحصينات أمنية معلوماتية أكبر لزمن أذكى، كما تجدر الإفادة من تجربة شركة مايكروسوفت التي وجدت أن أحد أفضل وأقوى الأساليب لضرورة حماية أنظمتها، هو تعيين من تبزغ فيه مهارات الهاكرز باحتراف، بمرتبات عالية، وتوجيههم إيجابياً، حيث جعلت مهمتهم محاولة اختراق أنظمتها المختلفة، والعثور على أماكن الضعف والثغرات فيها، واقتراح سبل للوقاية اللازمة من الأضرار التي يتسبب فيها قراصنة الحاسب، كإجراء وقائي يتعامل مع أنظمتهم بعقلية الهاكرز الخارجيين، وهذا الإجراء التحصيني عزز دفاع مايكروسوفت الأمني ضد أية محاولات عابثة.. والله نسأل أن يحفظ قطر من شر هاكرز الأرض، وهاكرز السماء، ويوفق حكومتها لما فيه الخير والأمن والسلام.