31 أكتوبر 2025
تسجيلما أروع أن يسبق قلبك خطواتك إلى ذلك المكان الذي تهوى إليه الأفئدة والنفوس، ولا يمكن أن ترفض فرصة تأتيك للذهاب إليه، خاصة في الأيام المباركة حيث تؤدي الفريضة الخامسة من فرائض ديننا الحنيف الذي جاء للبشرية أجمع وأعطى للحياة معنى وهدفا طالما تناسته الأقوام السابقة، وانغمست في شهواتها وأهوائها وأفكارها المنحرفة التي حرفت الأديان السماوية وشوهت كل آياتها، وبالتالي تلوثت أفكار من اتبع تلك الأديان المحرفة.فما أجمل أن تلتحق بقوافل الحجاج الذاهبة إلى الأراضي المقدسة، وأنت خالي الوفاض من أي شوائب في القلب تشوهه وتجعله ملوثاً غير قابل للتنفس واستنشاق عبير تلك الأيام التي سوف تعيشها في مكة وأنت تؤدي مناسك الحج، برفقة أناس اختارهم الله عز وجل وأنت من ضمنهم لزيارة بيته الحرام، واستثمار الوقت في الدعاء والاستغفار ومحاولة إعادة تنقية القلب من صدأ الأهواء والابتعاد عن الكثير من الواجبات التي يتطلبها الإيمان بالله تعالى واتباع سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.هنيئاً اليوم لكل من قرر وكتب الله له الرحلة إلى الحج واكتملت أركان الإسلام وفرائضه عنده، واستطاع بما لديه أن يفوز بهذه الفرصة العظيمة التي يتمناها كل مسلم في جميع أنحاء العالم، والبعض من المسلمين قد يظل سنوات وسنوات وهو يدخر يوماً كل قرش يمكن أن يساهم في توفير مبلغ يساعد على بلوغ مبتغاه إلى أداء الحج وزيارة بيت الله الحرام، وقد يمتد ذلك إلى الرغبة في زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة، وكم شاهدنا في بعض الدول من مسلم أمنيته أن يكون هناك في حج أو عمرة، وكما آلمنا رؤية ذلك الهندي الذي يعمل في أحد الفنادق وقد وضع صورة صغيرة قطعها من إحدى الصحف تمثل الكعبة وبيت الله الحرام وهو يتمنى أن يحقق الله أمله ليس بزيارته للأراضي المقدسة، ولكن أن يستطيع والده العجوز أن يكون في تلك الزيارة، وهو يعمل نهاراً وليلاً من أجل أن يجمع المال ليوفر لوالده فرصة الحج أو العمرة.نعم هذا ما يحدث لكثير من المسلمين في آسيا وإفريقيا وغيرهما من الدول، وللأسف نجد نحن المسلمين الأقرب إلى الأراضي المقدسة ولدينا المال الوفير والسهولة في التنقل والسفر حتى يتكاسل البعض عن أداء هذه الفريضة بحجة واهية تتمثل في الانشغال بالعمل والأولاد وتربيتهم وقلة الوقت، رغم قدرتهم المادية والجسدية.إن هذه الرحلة تحتاج إلى من بالفعل تهوى أفئدته إلى زيارة البيت الحرام، وسيكون هناك إنسانا مختلفا يتآلف مع من حوله من زوار البيت، حيث إن في الحج لا فسوق ولا جدال، وأن يتعود التسامح مع الجميع، ويسكت لسانه عن قول الزور والسيئ من القول، وأن يظل قلبه نقيا، صافيا يتقبل الجميع ويسعد بلقائهم ويبتسم في وجوههم، ويبش عند السلام عليهم، ومن ثم يؤدي كل المناسك بكل هدوء نفس وسكينة، ويعود إلى دياره.وقد استطاع أن يستغفر ربه ويطلب منه أن يكون كما ولدته أمه يمثل صفحة بيضاء لا يدنسها ولا تلوثها شائبة أو خلق سيئ، ويحاول أن يحافظ على تلك النقاوة وهدوء السريرة وقوة الإيمان بالله عز وجل والتمسك بكل ما يأمر الله تعالى به واتباع سنة رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، كـ"رد" على كل من يسيء إلى هذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وكل عام وأنتم بخير، وحج مبرور وذنب مغفور مقدماً.