20 سبتمبر 2025

تسجيل

الصفقة.. ما لها وما عليها

21 أكتوبر 2011

تتعرض صفقة تبادل الأسرى لجدل كبير بين مؤيد لها ومُعارض (نقول: مُعارض لأن البعض ذهب بعيداً في تقييمه إلى الحد الذي يُخّون فيه حركة حماس) وبين من يرى فيها ثغرات كبيرة, إن من حيث التوقيت أو من حيث إبعاد الأسرى إلى غزة وإلى غير الأراضي الفلسطينية، وكذلك بالنسبة إلى الأهداف السياسية التي تسعى وراءها حماس: بمعنى الاستفادة منها ذاتياً وصولاً إلى قضايا عديدة أخرى. وبموضوعية نقول: إنه إذا جاز التعبير عن الصفقة بأسطر قليلة: فهي جيدة بل جيدة جداً، رغم وجود بعض الثغرات فيها والتي كنا نتمنى نتائج غيرها, لكن التمني شيء وطبيعة الواقع شيء آخر، وبخاصة أن الصفقة أُبرمت مع الحكومة الأكثر يمينية وفاشية في إسرائيل، والتي لولا الضغوطات التي مارستها عليها عائلة شاليط وكافة التجمعات التي ارتبطت بهدف تحريره، ولولا الهدف الإسرائيلي الحالي المتمثل في مد خيوط التواصل مع المجلس العسكري المصري، لكان من الصعوبة بمكان إبرام الصفقة ثم علينا أن نرى نتيجتها وهي الإفراج عن 1027 أسيراً وأسيرة من أبناء شعبنا ومنهم من ذوي الأحكام المؤبدة. كنا نتمنى بالطبع لو أنه تم تحرير كافة الأسرى من سجون العدو الصهيوني لأن الفرحة تظل مشوبة بغصة، لكن أملنا كبير في انتباه كافة الفصائل الفلسطينية إلى الثغرة التي تُجبر إسرائيل على الخضوع لعملية تبادل الأسرى, ألا وهي: اختطاف الإسرائيليين وخاصة الجنود وذوي الكفاءات العالية. وبمناقشة السؤال: هل إبرام الاتفاقية (الصفقة) يؤثر على أولئك الأسرى المضربين عن الطعام؟ فالبعض له مآخذ على الصفقة من حيث التوقيت الذي اختارته حماس وإمكانية تأثيره على كسر الإضراب. حول هذه النقطة نقول: كلمة (صفقة) تعني تنازلاً من طرفين، فالمحادثات من أجلها والتي دارت على مدى 5 سنوات, مرهونة بطبيعتها بإرادتين تتوصلان في النهاية إلى اتفاق ليس فيه كل ما يريده أحد الطرفين. من زاوية ثانية فإننا نرى جانباً آخر إيجابياً في التوقيت وتحديداً في فترة الإضراب، فتحرير جزء من المعتقلين يعطي الأمل لكافة الأسرى بإمكانية تحريرهم, وتحرير البعض منهم يشكل مسألة معنوية إيجابية يرى فيها المضربون عاملاً يساعدهم على الاستمرار في الإضراب. أما من ناحية من يرى أن في هذا التوقيت ضرباً لهدف السلطة في الحصول على الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود عام 1967 من خلال الأمم المتحدة, فهذا الرأي يجانب الحقيقة، فما العلاقة بين الموضوعين؟ ويمكن استغلال الصفقة لزيادة التأثير دولياً على أهمية الاعتراف بالدولة العتيدة، هذا إذا لم تكن بعض الحسابات الذاتية للآخرين تنطلق من نقطة جوهرها: حساسية الاعتراف بنجاحات الآخر!. بالطبع من حق حماس كتنظيم رئيسي فلسطيني أن تطمح إلى أهداف سياسية ذاتية تحققها، فلو أجرى الصفقة تنظيم آخر غيرها لامتلك بالطبع نفس الحق، شريطة عدم التأثير سلباً على القضية الوطنية. العكس من ذلك قضية تحرير الأسرى جاءت بالرغم من الرغبة الإسرائيلية, بل أجبرت الكيان في النهاية على إبرام صفقة مع تنظيم فلسطيني, في مواقعه المعلنة يرى أن الحقوق الوطنية الفلسطينية لا تتمثل فقط في إنشاء دولة فلسطينية على حدود 67، بالطبع كنا نتمنى لو لم يكن هناك التزام من حركة حماس بعدم إطلاق صواريخ من غزة على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، آخذين بعين الاعتبار أن الحركة تمارس نهجاً في المرحلة الحالية هو التهدئة أي منع عمليات المقاومة من القطاع. من جانب آخر، كنا نتمنى لو أصرّت حماس على إخراج أولئك الأسرى الذين تعتبرهم إسرائيل خطاً أحمر مثل: أحمد سعدات وعبد الله البرغوثي ومروان البرغوثي وغيرهم، ففي الاعتقاد أنه لو تذرعت حماس بمزيد من الصبر لكان من الممكن رضوخ إسرائيل لتحريرهم. كذلك هي مسألة الإبعاد سواء بالنسبة إلى قطاع غزة أو إلى خارج فلسطين. فالخوف كل الخوف أن يتحول هذا الإبعاد إلى إبعاد دائم (طالما بقيت إسرائيل), وليس إبعاداً مرتبطا بسنوات, على شاكلة المبعدين من كنيسة المهد في بيت لحم، وقد تنكرت إسرائيل ولا تزال لعودتهم إلى وطنهم. لقد كان موقف حماس سابقاً يتمثل في: عدم الإبعاد بشكل مطلق, وتحرير أولئك الأسرى الذين تضع عليهم إسرائيل خطاً أحمر فما الذي تغيّر؟ لا المناشدات ولا المفاوضات تُطلق سراح الأسرى, فاتفاقية أوسلو التي تغنى بها موقعوها, لم تتمكن من إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين, سوى أولئك التي انتهت أحكامهم, وأولئك الذين قاربت أحكامهم على الانتهاء، ألا يشكل ذلك درساً بليغاً؟ فإلى المزيد من النضال والعمل على إجبار العدو الصهيوني وإرضاخه لتحرير كافة أسرانا, وكل التحية لأولئك الصامدين الأبطال الذين يواصلون معركة الأمعاء الخاوية من أجل تحقيق مطالبهم المشروعة.