المجال العام

المجال العام أو الفضاء العام هو المكان الذي يمكن من خلاله إدراك وعي المجتمع ومدى قدرته على الاحتمال والتعايش مع مكوناته، لعل هوس الشعب الخليجي بالذات بالسفر هو استمتاعاً بالمجال العام في تلك الدول التي يسافرون إليها وإن كان ذلك لا يظهر بوضوح في بؤرة الوعي، فيقال مثلاً سافر للاستجمام والسياحة وغير ذلك من الأسباب إلا أن هناك أسبابا أخرى نفسية تستدعي المواطن العربي يتطلع للسفر والاستمتاع بها، وفي مقدمتها وجود مساحة كبيرة بين الدولة والفرد ممتلئة بالجمعيات والهيئات المدنية التي لا تشعر بقبضة الدولة بقدر ما تشعر بممارستك للحرية وتبادل الآراء، لا تشعر هناك بوطأة الدولة ولا تحتاج حتى أن تعرف وزراء الحكومة، فالمجال العام كما أشرت ممتلئ بما يحقق للمواطن كل ما يصبو إليه دون الحاجة إلى الدولة أو وزاراتها الرسمية كفلت النظم الدستورية بما تشتمل عليه من حريات عامة….. ومكونات المجتمع الأهلي كذلك وبأنظمة الدول الدستورية، بما تشمله من حريات عامة تكفل للجميع العيش على مدى اختلافهم وخلافهم، كم يستوعب المجال العام الغربي للمشردين والمبعدين واللاجئين من إخواننا العرب من جميع الطوائف والجنسيات، أمر يندى له الجبين، كوادر مؤهلة لو استوعبها المجال العام المخنوق في مجتمعاتنا لكانت قيمة مضافة لهذه المجتمعات،، لكن المجال العام المختنق بالسلطة والتسلط والفتاوي الدينية غير المنضبطة والسياسية الضيقة التي لا تعكس سعة الدين الحقيقي بقدر ما تعكس صورة الاستبداد الذي هو في الوقت ذاته انعكاس لاستبداد اشمل للسلطة يحمي بعضها الآخر، عندما يواجه الفرد الدولة بصدره عارياً دون وجود مجال عام يعج بالمنظمات المدنية الحرة ووسائل المجتمع المدني الممكنة، مهما حاول ان يكون حيادياً ستسقط الدولة عليه يوماً لتحيله إلى ركام ويصبح من الغابرين.