30 أكتوبر 2025
تسجيلعلى ذلك الرصيف وجدتها جالسة بهدوء، تمارس صمتها، تعانق نفسها لوحدها، وقد سكبت ما في إناء حيرتي بجانبها، صماء بكماء وعيناها سدت بقماش متكئة على منسأة بيضاء حزينة كوجهها، اسمها العدالة وكنيتها صرح العدل وعملها في سابق عهدها دحض الباطل، والآن جردت مما تملك فقد أجتث أحدهم سيفها من غمده...لمن أشكو أيتها القاطنة بعيداً في ذلك المكان المهجور؟ قلّما أتاك الزائرون...لمن أرنو أيتها الساكنة في ثنايا روحي دونما همس؟فلقد أسكتك الظالمون...أيتها العدالة صارت حياتي ذات لون رمادي، بعد أن ساحت جميع الألوان...أغرقتها دموعي.... فقدت ذلك المفتاح! أبوابهم موصدة في وجهي...ومفتوحة لمن فقد مفاهيمك...ولمن سره حرق فؤاد المحزون....ولمن يبدع في التمثيل بجدارة...فلمن أشكو أيتها العدالة إذا كان خصمي هما القاضي والسجان؟بعت من عمري سنين لأساوي بالعدل ذلك الميزان...فلا يوجد إنصاف وجدته ولا ناصر نصرني!!لوحات على حائطي بلا ألوان... أظل أشاهدها وأحاكي من فيها بلا أمل...بلا جواب..وقد فقد عقلي قواه...شكت نفسي من نفسي فأنهيت بشخبطات قلمي خلجات لم أبحها بعد لأحد سواك... وأنت ما زلت تمارسين الصمت في حقي... فأراكِ تبدعين في ارتداء إزار ذلك القاضي وذلك السجان..أبطأتِ في عدالتك... وأنت من علمني أن العدالة البطيئة ظلم وطغيان...أيتها العدالة البطيئة... كم أصبت من اِلْتِعَاج واِنْكِثَام ونكد لمنتظريك.. كم أطلت من ليلٍ لمنتظري ذلك الفجر الغائب...كم انتكست من أعلام من أجل بطئك المتجاسر...لمن أشكو أيتها العدالة وها هو قد قدّ أحدهم قميصك من قبل ومن دبر، فلا علمت من الصادق فيكما ومن هو الكذّاب !وما زالت صامتةً...وفؤادي أصبح كفؤاد أم موسى فارغاً...حتى وجدتها فانية...وما دلني على موتها إلا دابة الأرض فقد أكلت هي والظلم منسأتها...ولو كنت أعلم بموتها مسبقاً لما لبث قلبي يجادلها...وأنا في قهر وعذاب مهين... وبذلك ختمت: " وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ " صدق الله العظيم.