17 سبتمبر 2025

تسجيل

الإعلان والإعلام

21 سبتمبر 2013

فى مقال سابق لنا بعنوان " الإعلانات فى حياتنا " تطرقنا إلى الإعلان وعرفنا أن له ميثاق شرف يجب الالتزام به حفاظا على القيم المجتمعية والمتمثل فى عدم نشر أو بث أى مادة إعلانية تخدش الحياء وأن ذلك يوقع كل من اشترك فى الإعلان من مصممين ومخرجين وأصحاب القنوات أو الصحف والقائمين عليها تحت طائلة قانون العقوبات ولا يستثنى المعلنون أنفسهم من ذلك . واليوم نتناول دور الإعلام فى العمل على تقدم البلاد والحفاظ على الهوية الثقافية للمجتمع المصرى الذى يميل بموجب نشأته وتطوره إلى المحافظة والتمسك بأهداب الفضيلة لا فرق فى ذلك بين مسلم ومسيحى باعتبارهما المكونان الأصليان لنسيج الشعب المصرى .. ومن أجل هذا الهدف الذى يراه معظم الناس – وأنا منهم – نبيلا تُلقى المحاضرات وتُقام الندوات لرصد وتقييم العمل الإعلامى ومن ثم العمل على تطويره بغية النهوض به والوصول إلى أعلى معدلات الأداء .. ومن أجل هذا الهدف يستضيف القائمون على تحقيق ذلك العديد من الخبراء وأساتذة الجامعات وكبار الإعلاميين .. ولكن .. وأه من لكن هذه .. ولكن هل نجا المحاضرون وضيوف البرامج الحوارية من سطوة الإعلان وتغوله ؟ أبدا والله .. فقد وقع الكثير منهم تحت وطأة الإغراء المادى وسطوة وإغراء مقدمى البرامج من ناحية وأصحاب تلك القنوات من ناحية أخرى وخرج الكثير منهم – إن لم يكن كلهم – عن ميثاق شرف مهنة الإعلام وبدت سيطرة الإعلان واضحة جلية وتمثل ذلك فى ذكر جهات بعينها وبدا انحيازهم الشخصى واضحا جليا يكاد ينطق ويقول للمشاهدين وبالتالى لأصحاب القنوات والقائمين عليها بأنه – أى الضيف – قد نفذ ما طلب منه ولا بأس من استضافته مرة أو مرات أخرى .. لابد أن نعترف أن هناك مشكلة .. وكما هو معروف فى علم النفس أن المشكلة تظل على حالها حتى يجرى الاعتراف بوجودها من الفرد أو المجتمع الذى يعانى منها .. هنا فقط يمكن أن يبدأ الحل .. أو بالأحرى التعاون فى البحث عن حل .. والمشكلة التى يجب علينا الاعتراف بوجودها هنا هى تغول الإعلان وتضخم سطوته على الإعلام حتى أصبح المورد المالى الرئيسى والوحيد لأغلبية الصحف والمجلات ولكل القنوات الفضائية .. والغريب والعجيب أن الكل أصبح مشاركا فى تضخم المشكلة عملا بالمذهب الفلسفى الذى يقول بأن المشكلة لا تصير مشكلة إلا إذا إعتبرناها كذلك أما بغير الاعتراف بوجودها فلا توجد مشكلة على الإطلاق .. يعنى طالما أنه لا توجد مشكلة فنحن بخير " وبلاش وجع دماغ " .. هكذا .. ويستمر الجميع فى دس المادة الإعلانية وسط البرامج . إننى أرى أن الحل يكمن فى الاعتدال وليكن الأمر وسطيا فى الأمور العادية .. أما تلك التى تتعلق بسلامة الوطن وأمنه فلابد من إعمال العقل والتزام الحياد التام حتى لا يكون ذلك سبيلا إلى تصاعد الصراعات وإثارة الفتن والعديد من المشاكل الأخرى التى يمكن تجنبها لو كنا على علم بها ونحن جميعا – حتى الأطفال منا – نستطيع أن نفرق بين الغث والسمين ونبدى استياءنا من ضيوف برامج " التوك شو " الذين يقضون الليل متنقلين بين القنوات فى مدينة الإنتاج الإعلامى متصورين أنهم قد صاروا من نجوم المجتمع اللامعين وأن ما يبدونه من آراء مقنعا لأى طفل لم يغادر مرحلة رياض الأطفال بعد والحقيقة أن وجوههم صارت مملة لدرجة أن كثيراً من الناس يتحولون عن القناة التى تستضيفهم بمجرد إطلالة وجوههم على الشاشة .. وأخيرا أذكر مقدمى البرامج الحوارية على الفضائيات والقائمين عليها – وهم لا شك يعلمون - أنه من شروط الإعلام الناجح الحيادية والموضوعية وألا يخضع لأى ضغوط فى تمويله وإصداره وأن يتسم بالصدق والصراحة والوضوح دون أى لبس حتى يخرج معبرا تعبيرا موضوعيا عن عقلية الجماهير وميولها وحتى يصبح منارة لتوجيه وإرشاد الرأى العام .. والله من وراء القصد . وإلى لقاء قادم فى موضوع جديد بحول الله .