20 سبتمبر 2025
تسجيلهذا ليس اسما جديدا لجمعة من جمع الثورات العربية، التي صارت ترتبط بتسميات خاصة كل أسبوع تبعا للظروف المحيطة بها والرسائل المراد إيصالها عبرها، لكنّ هذا الاسم يرتبط بفكرة مبتكرة في العمل الإنساني من حيث المقاصد والأهداف والنتائج المتوقعة دعت إليها جمعية قطر الخيرية عبر نداء تبنته للدعاء في كل أنحاء العالم لصالح الصومال والقرن الإفريقي، حيث تشتمل على فعاليتين رئيستين هما: إقامة صلاة الاستسقاء في جميع مواقعها الميدانية في الصومال، وقنوت النوازل في جميع مكاتبها الميدانية حول العالم. ورغم أن صلاة الاستسقاء و قنوت النوازل معروفتان كشعيرتين تعبديتين منذ عهد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.. إلا أن التميز في إطلاق هذه المبادرة وتبنيها يتمثل في الآتي : ـ على مستوى العمل الخيري والإنساني الفكرة غير مسبوقة لأننا اعتدنا من المؤسسات الخيرية عند وقوع الكوارث الإنسانية التسويق لحملات استقطاب الدعم لصالح المتأثرين منها، أو تقديم المساعدات العاجلة ، ثم تنفيذ مشاريع إعادة الإعمار، أو الأمران معا، وهي أشياء مادية ملموسة بعيدا عن خوضها أو دخولها في أشياء معنوية رغم مالها من تأثيرات كبيرة . المشروع الذي بين أيدينا يقدّم نموذجا يستحضر خصوصية الهويّة الإسلامية كمرجعية قيمية يمكن استلهامها في العمل الإنساني الإسلامي، ترسيخا لمبدأ الاستعانة بالله جل وعلا لإغاثة إخواننا من الجفاف بسبب انحباس المطر، وبسط أكف الضراعة لتخفيف وطأة الجفاف عنهم ، وتجاوز آثارها السلبية، وقد جاء في الحديث الشريف: "إنكم شكوتم جدب دياركم، واستئخار المطر عن إبان زمانه عنكم، وقد أمركم الله عز وجل أن تدعوه، ووعدكم أن يستجيب لكم ". ـ حشد الدعم والتأييد لهذا النداء الإنساني ( Advocacy ) من خلال المكاتب الميدانية والممثليات الخاصة بقطر الخيرية في أكثر 12 دولة ، ومن خلال التواصل مع المنظمات الإقليمية ( انضمت منظمة التعاون الإسلامي للمبادرة) والمؤسسات الدينية كالمشيخات ودور الفتوى ووزارات الأوقاف حول العالم ( أكثر من وزارة ودار عبر العالم) ، وبالتعاون مع وسائل الإعلام المؤثرة ( في مقدمتها قناة الجزيرة كشريك إعلامي رئيس )، و سفراء النوايا الحسنة من الشخصيات المؤثرة في قطر والعالم الإسلامي. وهذا الحشد فضلا عن دوره الروحي الإيماني في استمطار رحمة السماء في لحظات التجاء الأمة إليه سبحانه، في حاجة تمس أمنها المعيشي، فهو يشعر الصوماليين بتضامن أمتهم معهم في نكبتهم ، كالجسد الواحد ، الذي يتداعى كله في حال شكوى أحد أعضائه، والإحساس بمعاناتهم التي يعشونها بسبب القحط والجفاف، ويزيدهم وعيا بحجم الكارثة ومخاطرها المحدقة من خلال تركيز الاهتمام بها، ولو ليوم واحد. ـ ينتظر أن تجمع هذه الفعالية ـ كونها صدرت عن جهة إنسانية بحتة غير صومالية ـ جميع الصوماليين بكافة فصائلهم وانتماءاتهم حول قضية واحدة، وهي ممارسة شعيرة حثّ عليها ديننا الحنيف كلما انحبس المطر، حيث إن عبادة الله بالدعاء من أكبر عوامل الوحدة بين المسلمين. والمعروف أن الخلاف المستحكم بين الفرقاء الصوماليين أثّر سلبا في مضاعفة تأثيرات كارثة المجاعة، من حيث عدم سماح بعضهم للمنظمات الإنسانية الدولية ـ بل والعربية والإسلامية أيضا ـ بالدخول إلى مناطقهم ، فضلا عن تأثيرات ذلك على التنمية ومشاريعها أصلا ، في ظل الاقتتال الأهلي وانعدام الأمن. ـ تسليط الضوء على هذه الفعالية ومناشطها إعلاميا من شأنه كشف حجم تقصير المجتمع الدولي والمنظمات الأممية تجاه مجاعة الصومال، والقصور في تقديم المساعدات الإنسانية المطلوبة حتى الآن ، وفي هذا الصدد كانت الشيخة حصة بنت خليفة آل ثاني سفير النوايا الحسنة لقطر الخيرية والمقرر الخاص السابق المعني بالإعاقة لدى الأمم المتحدة قد شددت على أهمية هذه المبادرة ـ ومثيلاتها ـ في حشد النصرة للشعب الصومالي ماديا ومعنويا، خصوصا بعد أن تلكأت المنظمات الأممية والدولية وقصرت في القيام بدورها المطلوب منها إنسانيا. ـ إسهام المبادرة في غرس المعاني القيمية في نفوس المجتمع صغارا وكبارا، فلاشك أن إقامة صلاة الاستسقاء أو دعاء قنوت النوازل في المساجد والمدارس وغيرها، ومشاركة الأطفال والناشئة فيهما في أكثر من قطر ومصر من شأنه لفت الانتباه إلى ضرورة إدارك قيمة نعم الله على من عافاهم الله من القحط والجفاف، وسؤال الله دوام هذه النعمة، لأن الملائكة في الدعاء تؤمن على من يدعو لإخوانه بدفع البلاء في المصائب والكوارث. ـ من حيث التوقيت جاءت المبادرة في محلها ، نظرا لعدم نزول الأمطار خلال أربعة مواسم متلاحقة خلت في الصومال، وهو ما أدى الى الجفاف الذي أودى بحياة الآلاف ـ وما يزال ـ ، ولقرب دخول الموسم الجديد في مطلع أكتوبر القادم. نسأل الله أن يتقبل الله من القائمين على هذه المبادرة ومن يتضامن معها ويسعى في حشد التأييد لها ، وأن يغيث إخواننا في الصومال والقرن الإفريقي ، وأن يرفع عنهم ما نزل بهم من البلاء ونقص الماء والغذاء، وأن يسبغ علينا نعمه وسائر بلاد المسلمين وإن يجنبنا الكوارث ويرفع عنا المحن والشدائد.. إنه سميع مجيب.