20 سبتمبر 2025
تسجيللم يكن المطبّ المهني والأخلاقي الذي وقعت فيه قناة العربية هو الأول وبالتأكيد لن يكون الأخير، ولكنه الأشد سوءاً، حين نشرت ما وصف بتحقيق وهو أبعد ما يكون عن التحقيقات الصحفية التي تعارف عليها أهل المهنة لناشطة إعلامية كردية تدعى لامار أركندي، وهو في حقيقته تحقيق أعد قبل سنوات، ونشر على قناتها على اليوتيوب، وتدعي الإعلامية فيه أن سوقاً قد أُقيم في إدلب لبيع الرقيق والسبايا، دون أن تقدم أي دليل على ذلك، سوى النقل عن سيدة إيزيدية تدعي أنها بيعت في الرقة ونقلت إلى إدلب، وللأسف طارت العربية بما وصف زوراً وبهتاناً بهذا التحقيق الصحفي لتنشره على قناتها الحدث وتروج له، ولكن مع عظم الغارة التي تعرضت لها من إعلاميين وناشطين سوريين وغيرهم من العالم العربي والإسلامي، أُجبرت القناة على سحب التحقيق من على منصاتها دون أن تكشف لمتابعيها ومشاهديها سبب نشر التحقيق أولاً ثم سحبه ثانياً، وهو حق المشاهد والمتابع كما هو معلوم في أبجديات الإعلام، والعقد الاجتماعي بين المرسل والمتلقي. حين الحديث عن القصة لا بد من العودة إلى معدّة ما وصف بالتحقيق والذي يفتقر إلى أبسط قواعد الصدق والكذب، فضلاً عن قواعد المهنة التي تعارف عليها أصحابها، فالناشطة الإعلامية الكردية معروفة ومهووسة ومهجوسة على مدى سنوات الثورة بكره الثورة السورية، وبإدلب تحديداً التي تحوّلت اليوم إلى وجهة للأحرار في سوريا ممن انشقوا عن النظام المجرم، وهاجروا إليها، وهي معروفة كذلك من المؤيدين المناصرين لمليشيات قسد الكردية، ولذلك تراها في كل مناسبة وغير مناسبة تنال من إدلب ومن تركيا، ولا تجد العربية حرجاً من أن تنشر لها ذلك، حتى ولو أدى ذلك إلى ضرب مصداقيتها وشعبيتها، بل وتقدمها كباحثة في الجماعات « الإرهابية» ولا أدري كيف يقدم شخص كباحث وهو لم يّؤلف كتاباً واحداً أو بحثا معروفاً عن هذه الجماعات؟! الرد الإعلامي السوري كان قوياً ومباشراً، حيث راج هاشتاغ #العربية_أن_تكذب أكثر، وفنّد الإعلاميون السوريون من خلاله هذه الهجمة الإعلامية من قناة العربية، والتي كانت تستهدف بشكل مباشر المحرر عموماً، لاسيما وأن أكثر من خمسة ملايين سوري يعيشون فيه، وقد انضم إلى الحملة شخصيات عربية ومسلمة منددة فيها، وتدعو إلى إلغاء متابعة قنوات العربية، كجزء من الغضب الشعبي العربي والإسلامي على ما دأبت عليه قنوات العربية من تشويه المحرر وثورات الربيع العربي بشكل عام. المثير للاستغراب والدهشة أن كل المؤسسات الإعلامية السورية، والناشطين الإعلاميين السوريين المنتشرين كالفطر في الشمال السوري المحرر، ومعهم القنوات العربية المعروفة، وأكثر من هذا المؤسسات الإعلامية الدولية العريقة مثل الجزيرة، وقنوات تركية، والواشنطن بوست والنيويورك تايمز وفرانس 24، والسي إن إن و إي بي سي وغيرها من المؤسسات بالإضافة إلى المؤسسات البحثية التي أعدت تقارير مطولة عن حال الشمال السوري المحرر كمجموعة الأزمات الدولية ومعهد واشنطن وكارنيغي وغيرهم لم يكتشفوا ما اكتشفته قناة العربية. الحقيقة أن المطلوب إعلامياً وحقوقياً هو إنصاف كل من يسكن في إدلب إما بعكس الحقيقة كما هي دون تزوير أو تحوير، والرد على هذا العبث الذي يطول ساكنيها وهم الذين يعانون من الحصار الخانق، بعد أن تحوّل الشمال المحرر كله إلى سجن كبير، بوابته هي معابر باب الهوى وباب السلامة والراعي وغيرهم بعد أن رضخ مجلس الأمن الدولي للفيتو الروسي، ووقف كل المساعدات الإغاثية لأكثر من ستة ملايين يعيش أكثر من 95% منهم تحت خط الفقر وعلى مساعدات العالم، والمطلوب من المنظمات الحقوقية وتحديداً التركية الانتصاف للمحاصرين، ولما روجته الناشطة الإعلامية كذباً وزوراً عن تورط تركيا في كونها محطة لاستقبال بيع أعضاء الإنسان التي تحصل في إدلب، لتنتقل إلى تركيا وما بعد تركيا، وكل هذا كذب وزور فنّده الإعلاميون السوريون وغيرهم.