12 سبتمبر 2025
تسجيلكشفت دراسة بحثية أجراها باحثون في جامعة «توركو» الفنلندية ونشرت في مارس 2023 أن مشاهدة الأعمال الفنية لها تأثير بالغ الأهمية على مشاعرنا، وأن الأعمال الفنية تلعب دوراً كبيراً في تحسين مزاج الأشخاص، وتحريك المشاعر الكامنة، وكذلك رفع معدّل الهرمونات المسؤولة عن السعادة في أدمغتنا. وقام الباحثون برصد مشاعر 1186 شخصاً من جنسيات مختلفة، وثقافات متنوعة، ودول متعددة، اطلعوا على أكثر من 300 عمل فني، وراقب الباحثون تسجيلات حركة العين من المختبر، في محاولات لرصد مشاعر الذين شاهدوا القطع والأعمال الفنية التي عُرضت عليهم. وتبين من خلال هذه الدراسة أن ردة فعل أعضاء الجسم عند مشاهدة الأعمال الفنية هي أقوى مما يحمله العمل الفني نفسه، وأن المشاعر تُسجل تفاعلاً قوياً عند النظر إلى الأعمال الفنية، خصوصاً تلك الأعمال التي تُصور الوجوه، والشخصيات، وذلك بسبب ميل الناس إلى التعاطف مع بعضهم البعض، وإن كان الشخص في الصور أو العمل الفني مجهولاً، وذلك وبسبب ما يُعرف بـ»الانعكاس». هذا الانعكاس الذي يرى الشخص فيه نفسه، من خلال الوجوه والشخصيات، وملامح الحزن، أو الغضب، أو الخوف، أو الفرح، أو أي مشاعر أخرى، تظهر في الوجوه المرسومة. وتبين أيضا أن كل من شاهد الأعمال الفنية يلاحظ شيئا مختلفا عما يلحظ الشخص الآخر. والمثير للاهتمام في هذه الدراسة، أن مشاعر الغضب والخوف والتضامن الإنساني شكلت مصدرًا للأحاسيس التي حركت أطراف الجسد وأحدثت تفاعلاً في الأعضاء، فيما أثارت مشاعر الإعجاب والدهشة والجمال والذهول الأحاسيس الرئيسية في منطقة الرأس، ما يعطينا فكرة بأن الدماغ توّاق إلى كل ما هو جميل. شملت القطع الفنية المرئية التي عرضها الباحثون على المستطلعين خمس مجموعات أبرزها الأبعاد الجمالية، المشاعر الإيجابية، المشاعر السلبية، المشاعر المتعلقة بحاسة اللمس، والمشاعر الشاقة التي تسبب جهدًا نفسياً. واقترح الباحثون أن تستخدم نتائج هذه الدراسة في تطوير العلاجات النفسية من خلال الفنون، وهذا ليس بالأمر الجديد، وإنما يتم تطبيقه في العديد من العيادات والمستشفيات حالياً، وهو نمط من أنمط تعزيز عملية الشفاء النفسي والجسدي، حيث الفنون هي غذاء الروح. الشوارع التي تحيط بها الجداريات الفنية العفوية، والأشكال الفنية البسيطة التي ينفذها الناس الموهوبون بعفوية في المقاهي والأحياء هي التي تعطي الحياة رونقها، وهي التي تعكس ثقافة أي بلد وروحها، وتشجيع المعارض الفنية في كل ركن من أركان البلد سواء في المدارس والجامعات والنوادي الاجتماعية المفتوحة للجميع، بعيدًا عن المعارض الرسمية التي تنسجم مع السياسات العامة، والروايات الحكومية، هي التي ما زلت تُحيي عظام حضارات اندثرت وبقي فنها. الفن يسر الناظرين.. اتركوه حرًا وأطلقوا سراحه بعيداً عن أيدي الحكومات.