28 سبتمبر 2025

تسجيل

الجاهلية الممتدة

21 أغسطس 2022

هل تتفق معي عزيزي القارئ، في أن معنى الجاهلية الأولى كما سماها القرآن، لا يتمثل في عبادة الأحجار والأوثان، والسجود لها، أو شرب الخمر فقط؟ الا تعتقد أن الجاهلية الأولى تتعدى هذه المظاهر، لتشمل مظاهر وممارسات حياتية أخرى نراها يوميا، وكأنها امتداد لتلك الجاهلية الأولى قبل بعثة رسول الرحمة. نرى الجاهلية اليوم متمثلة في فراغ العقل، الذي يجعل صاحبه يعيش حياته للهو، وامتاع نفسه. حيث تجد الشباب والفتيات يقبعون بالساعات امام الشاشات لمتابعة مباراة، أو ما يسمونهم بمشاهير وسائل التواصل. فيقللون قدر أنفسهم ويحتقرونها. رضوا لأنفسهم أن يكونوا تابعين مقلدين، لا يدركون سبباً لوجودهم أو خلقهم. ألا ترى أنه من الجاهلية، ألا نصحح أخطاءنا، وألا نُعمل عقلنا فيما ينفعنا، في الدنيا والآخرة. وألا نقبل الحق، أو أن يكون لدينا حرية القبول للحق، إذا تبين لنا. اليس من الجاهلية، أن نعرف الحق ولا نقبله من زوج، أو زميل، أو رئيس، أو خادم أو حتى عامل بسيط جاء لإصلاح شيء. أليس من الجاهلية ما نراه من مظاهر لقلة الاخلاق، والإباحية والانحراف عن الطريق المستقيم. حيث يعتقد البعض أنه من حقه أن يفعل ما يشاء وكيف شاء. أليس من الجاهلية، ظهور الفساد في المجتمع، وتفاخر الرجال والنساء بالعلاقات المحرمة، لا بل ويبررون هذا الذنب العظيم على أنه أمر طبيعي، ويحاولون إيقاع غيرهم فيه. أليس من الجاهلية، ما نرى من أكل لحقوق الناس، ونقص الموازين، وانتشار الغش، ورفع الأسعار، وعدم إعطاء الحقوق للغير؟ أليس من الجاهلية، ما نرى من امتهان للمرأة، بعد أن كرمها الإسلام، فأصبحت سلعة لعرض المنتجات والسلع؟ أليس جاهلية أن يتم التعامل بالربا وتؤخذ الرشوة في أول النهار، ثم الذهاب لصلاة الجماعة في آخر النهار؟ أليس من الجاهلية أن تقضى الأوقات والاعمار في بناء القصور والبيوت؟ (أتبنون بكل ريع آية تعبثون وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون). وأن ينتشر العنف والخصومة بين الناس؟ (وإذا بطشتم بطشتم جبارين). ألا ترى معي أن الجاهلية منهج قبيح يسلكه البعض في حياته. ونحن بالرغم من كوننا مسلمين، إلا أننا قد يصيبنا شيء من هذه المظاهر، فيسكن فينا، فالجاهلية عمل قد يأتي ويرد على الانسان، إن لم يدرك نفسه، ويوقف دخول هذه الصفة عليه. خلاصة القول، أن الجاهلية ليست مرحلة تاريخية وانتهت. إذاً، هذا فهم ضحل لها. بل هي منهج قد يأتي في أية لحظة. فالمسألة تحتاج إلى إعمال عقولنا تجاه هذا الأمر قبل فوات الأوان. فنفقه ديننا وندركه ونعتز به، لنخرج به إلى نورانية، إلى إيمانية، إلى خير أمة أخرجت للناس. فالسر في هذا المنهج الرباني الذي لو طبقناه لارتفعنا، وأخرجنا أنفسنا وغيرنا من ظلمات الجاهلية لنور الاسلام. فالإسلام ضرورة انقاذ للبشرية وليست حالة تدين فردية. [email protected] @faalotoum