03 نوفمبر 2025

تسجيل

لك عهد الله

21 يوليو 2014

الأمة الإسلامية أمة عَبَّادة لله ودعوة إلى هذه العبادة وانشغال بتكاليفها في الغدو والآصال وتوكل على الله وارتقاب دائم لفضله ورضاه . و(ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل ...) .إن أنواع الكمال كثيرة ، وقد علمنا إنها لاتنشأ ارتجالاً ولكنها تتكون على مكث ،ومع عوامل متوافية ، فإذا كان اكتمال الإنسان يحتاج مثلاً إلى أخلاق الصدق في القول والعمل ، والنظام في الحركة والسكون فإنه لا يظهر جسداً وروحاً إلا بما تغرسه هذه الأخلاق في كيان الإنسان ، فلتربط هذه الأخلاق الصلوات الخمس المكتوبة على كل نفس ليلا ونهاراً .وجه يغسله خمس عشرة مرة كل يوم لم لا يكون وضيئاً ؟إنسان يعرض قلبه على ربه ويقف بين يديه ( طرفي النهار وزلفاً من الليل ) لم لا يكون مخلصاً ؟ مجتمع تصطف فيه المناكب والأقدام ، كما تُصَف الملائكة ، وتطلب لهذه الصفوف مراراً خلال اليوم والليلة لم لا يكون منظماً؟ فإذا أردت الصلاة لله فلا يستطيع أن يحجبك عنه مخلوق صغر أم كبر .أرأيت بلالاً العبد الضعيف الذي قاوم جبروت قريش حتى قال : " افعلوا في هذا الجسد ما شئتم أما قلبي فلا يمكنكم أن تحولوا بينه وبين معبوده- أحد ،أحد - والله لو وجدت كلمة هي أغيظ على قلوبكم منها لقلتها ."فمن حق بلال ومن حقك أن تقف بباب سيدك الذي أوجدك ( من ماء مهين ) دون أن يحول بينك وبينه كبير أو صغير ، ومن حقك أن تسأله وتستغفره دون استصحاب صغير حقير أو كبير جليل فأنت تتصل بفاطر السموات والأرض . بين الحين والحين يشق حجاب الصمت السائد في القرى، لو رأيت ذلك في ماليزيا أو أندونيسيا أو مجاهل إفريقيا أو تركيا ، إذا كنت سائراً في نزهة أو ساكناً في منتجع ريفي وإذا بمنادي التوحيد وكذا تسمعه يغالب دوي الضجيج في أنقره أو أسطنبول أو جاكرتا أو حتى الثكلى في بانكي في وسط أفريقيا . صوت جهير رتيب واضح الكلمات حاد النبرات ، لا صوت ناقوس مبهم مجرد المعنى ولا صوت ناي راعي الغنم أو بقر ، إنه صوت فيه روحانية بلال وعبق التاريخ المشرف ، إنه هتاف يعيد إلى الأذهان والمشاعر الوعي إلى الغافلين بأزكى ما في الحياة من حقائق .إنه يزيح الذهول ويقتحم أسوار المآرب الدنيوية التي حجبت وراءها كل معالم التاريخ العبق ، وقد سئل أحدهم لم تأتِ المسجد قبل الأذان ؟ قال الأذان للغافلين وإني لأرجو أن لا أكون من الغافلين.إنه صوت المؤذن يقول لأهل الأرض جميعاً ( وما أرسلنك إلا كافة للناس ) – الله أكبر الله أكبر من كل شيء ويشهد إن الله كبير متعال . تستمع إليه من خلال حفيف الشجر وسكون الليل . إن الإسلام تضمن جملة من العبادات والفرائض من شأنها أن توقظ القلب الهاجع ، إن غلبته سنة عارضة منها : الدعوة التامة ( الأذان ) .لذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أسهمُ الإسلام ثمانية وقد خاب من لا سهم له: الإيمان سهم ، والصلاة سهم ، والصيام سهم ، والزكاة سهم ، والحج سهم ، والجهاد سهم ، والأمر بالمعرف سهم والنهي عن المنكر سهم ".إن كثرة المعالم والمنارات التي بثها الإسلام في طريق المسلم ينبغي أن تمنعه من التوهان وأن يذهب مع مطارح أهل الزيغ عن الصراط ، وذلك ما صنعه المسلمون أخيراً وما ظهر جلياً في مسالك الأجيال المتأخرة .ونحن نعلم أن الصلوات الموقوتة – ( إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً ) .ليلاً ونهاراً حقيق بها أن ترد المسلم إلى الله إذا أبعده الشيطان عنه وأن يوجه قلبه إليه إذا صرفته فتنة عارضة ( إن الذين اتقوا إذا أصابهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون ) نعم ، ( إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ) فلنربط هذه الأخلاق بالصوم وما يوحي به من عفة وتماسك وانضباط .نعم ، إن هناك من يصلي إلا إن صلاته لاتنهاه عن سوء أو فحشاء من القول والعمل ، إن قيمة المصلي الذي يقرأ وراء إمامه حرفاً خرج عن سمت الخشوع ( وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون ) .والذي لا يقرأ القرآن وراء إمامه لم يفته إصابة الحق والكل على خير والأمر لا يستحق النزاع ، والمهم إن المصلي يجب أن تنهاه صلاته عن الموبقات فالذي لا يضبط لسانه ولا يضع ميزاناً لأقواله ولأعماله فقد خسر خسراناً مبيناً .المهم أن نجعل هناك سياجاً نضبط به تصرفاتنا ونربط بين الصلاة والصيام وما يوحي به من عفة وتماسك وانضباط وأن نتعلم من الصوم الاقتصاد في الضروريات والمرفهات فإن الاقتصاد نصف المعيشة و( كلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ) كما كانت الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر وتوصل العبد بربه وتجعله على اتصال دائم به ومع ذلك فهي لا تزيد على سبع عشرة ركعة في اليوم والليلة ولا يستغرق أداؤها أكثر من نصف ساعة في هذه الأوقات كلها ، والذين يفرطون في هذه الصلوات لا يستحقون من الخالق تقديراً ولا من المخلوق اعترافاً بالفضل ، فليس أولى بالاستهجان ممن ينصرف عن ربه وخالقه ورازقه ومسدي إليه الخير كله ويتشاغل عن أداء ما وجب عليه من حق ." خمس صلوات كتبهن الله على العباد ، فمن جاء بهن ولم يضيع منهن شيئاً استخفافاً بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة ، ومن لم يأتي بهن فليس له عند الله عهد إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة )ومن حافظ عليهن كن له نوراً وبرهاناً ونجاة يوم القيامة .وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين