23 سبتمبر 2025

تسجيل

العالم يتغير... فهل من متعظ؟

21 يونيو 2020

على مستوى الأفراد والدول يجب أن نعي أن جائحة كورونا ما هي إلا إنذار إلهي لإعادة ترتيب أساليبنا الحياتية من جديد، قبل أن تأتي جائحة أخرى أكثر انتشارا وأشد فتكاً، كما يتوقع بعض المحللين من ذوي الاختصاص، حيث لا ينفع بعد ذلك البكاء على اللبن المسكوب. ما زالت مفاهيمنا في التعامل مع الأشياء التي ندرك خطأها وحرمتها مستمرة، بالرغم من اليقين مما يترتب عليها من آثار وخيمة وعقاب أشد مع الاستمرارية على المستوى الفردي والمجتمعي والدولي، دون التفكّر بقوله تعالى: "وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم". كنا نعتقد أن الحرب على اليمن ستقف وتيرتها، وستعود دول التحالف إلى رشدها، وتترك السياسة اليمنية إلى أهلها باختلاف عقائدها ومذاهبها، فأهل مكة أدرى بشعابها لحقن دماء الأبرياء الذين يدفعون ثمن التدخلات السياسة الخارجية الهوجاء، الفقر والمرض والجهل. كنا نعتقد أن ليبيا سيعود لها الاستقرار بعد هزيمة "حفتر " وتعود إلى لملمة أوراقها السياسية الداخلية، بعد الفوضى والصراع الداخلي والحرب الأهلية والاغراق في موجات القتل والعنف التي اشتعلت جميعها مع الإطاحة بزعيمها السابق معمّر القذافي عام 2011م والتدخلات الإقليمية والدولية التي عصفت بها. بالرغم من دعوات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لوقف إطلاق النار في مناطق الصراعات في العالم، لمواجهة جائحة كورونا ولكن مازالت مع الأسف دائرة الانتقام والعنف والتدخل الخارجي تأخذ مجراها وتهدد النسيج الاجتماعي في ليبيا. كنا نعتقد أن بلد الأرز والجمال الطبيعي لبنان التي هوت سياحتها من السماء إلى الأرض، نتيجة اشتعال الحروب الأهلية بين فصائلها أن يدرك السياسيون المتنازعون الانهيار الاقتصادي وضعف عملتها النقدية التي تفاقمت بسبب انتشار جائحة "كورونا ؛" حتى ولدّ الفقر والجوع، وخلق أزمات نفسية وغضبا عارما تشهد عليه اليوم شوارعها والتي مازالت مستمرة، أن تلملم جروحها وتعود إلى استقرارها وأمنها. ناهيك عن بلاد الرافدين العراق والسودان والتدخلات الإقليمية وما يحدث فيهما من دمار وفقر وأمراض وحروب أهلية نتيجة التدخلات الاقليمية الدولية. فإذا لم تكن جائحة "كورونا" عبرة لوقف نزيف الشعوب الذي خلفته الأنظمة الفاسدة التي تتحكم في مصيرها، فمتى يكون الاعتبار ؟ هل ننتظر جائحة أخرى أشد قساوة وفتكاً حتى تقف طبول الحروب والنزاعات القائمة؟. وتفتح بوابات السجون الفكرية والسياسية أمام حرية المظلومين من الدعاة والكتاب وأصحاب الرأي !! وتضع حدّا للجسور الإعلامية بكل طرقها الممتدة بأصوات الشواذ، وهتافات السذج، وصراخ المراوغين، ديدنهم النفاق والفتن والحديث عن العرض والشرف بكلمات وصور، ما أنزل الله بها من سلطان، كما يحدث الآن ومع الجائحة دون عظة وعبرة لهولها وآثارها المؤلمة. …. وعلى المستوى الآخر الفردي والمجتمعي هناك من الظواهر التي برقت لمعانها في السنوات الأخيرة مع الانفتاح بلا حدود على الآخر وطمست معها مفاهيمنا الدينية والخلقية والسلوكية، كانت موضع انتقاد واستنكار، كان من المفترض أن تكون أزمة كورونا هي الفاصلة للتمييز بين ما هو صالح وطالح، وأداة ترشيح لانتقاء ما يتفق ومنظومتنا المجتمعية والدينية والخلقية وبين ما يتعارض معها كدول إسلامية تحكمها قوانين إلهية لاجدل فيهاز فكم سعد الكثير حين تلاشت ظهور الكثير من السلوكيات التي ما أنزل الله بها من سلطان ديدنها التبذير والإسراف، خاصة في المناسبات الاجتماعية ؛ كالزواج والولادة والعزاء، وكم سعد الكثير حين عادت للأسرة مقوماتها الأساسية من المودة والترابط بالتئام أفرادها بعد أن جرفتها متطلبات الحياة وخلقت هوة واسعة من التباعد والفرقة بين لبناتها. نأمل الاستمرارية في الانتقاء والترشيح لكل مظاهر الحياة التي تتنافى مع مبادئنا، فاذا كانت الجائحة لم تتمكن في عقولنا بالوعي بأنها منحة إلهية لإصلاح الإعوجاج والانحراف في ثوابتنا، إذن فمتى نعتبر؟ ! والتي نأمل معها أن تنمحي بعض المظاهر الدخيلة التي ننبذها كمجتمعات إسلامية ونأسف لتواجدها لحرمتها وعقوبتها، وكثر الحديث عنها في منصات التواصل باستنكارها وضرورة اهتمام المعنيين بمحاربتها. وهناك الكثير من الظواهر السلوكية نأمل أن تأخذ الجائحة طريقها في استئصالها من قلوبنا وعقولنا ومجتمعاتنا، ونسترجع ونحن نعيش أجواءها الاستثنائية الأساليب الخاطئة في حياتنا، ونستفيد ونعتبر مما تراه أعيننا من مؤشرات يوميًة بأعداد المصابين والمتوفين منها، وما حل بالشعوب الموبوءة من فقر وجوع، نتيجة التدهور الاقتصادي في دولها " لعل الله يحدث بعد ذلك أمرًا " نسأل الله أن يبدل الحياة بكل أفرادها ودولها إلى حياة أفضل من العافية والسعادة والرحمة. ‏Wamda. qatar@gmail. Com