14 سبتمبر 2025

تسجيل

مكافحة الفساد خليجيا

21 يونيو 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); وافق المجلس الوزاري الخليجي في اجتماعه الأخير في الدوحة على انضمام مجلس التعاون الخليجي بصفته منظمة إقليمية إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد وذلك سعيا لتعزيز قدرات الدول الأعضاء وأجهزتها المسؤولة عن النزاهة ومكافحة الفساد. في الوقت نفسه، تتدارس الأجهزة المعنية بحماية النزاهة ومكافحة الفساد بدول الخليج العربي وضع قانون موحد لمكافحة الفساد خليجيا وسوف يرفع للقيادات في أجهزة مكافحة الفساد الخليجي لاعتماده ومن ثم تطبيقه على المستوى الخليجي بعد الموافقة عليه من قادة دول المجلس. ويأتي ذلك على خلفية قرار قمة دول مجلس التعاون الخليجي التي عقدت في المنامة بتكليف الهيئة الاستشارية للمجلس بوضع آليات مكافحة الفساد ومعوقات التنمية بدول المجلس. وحسب تقرير منظمة الشفافية العالمية حول مؤشر مدركات الفساد لعام 2014، فقد احتلت دولة الإمارات المرتبة الأولى عربيا والمركز 25 عالميا، وجاءت قطر الثانية عربيا والمركز 26 عالميا، والثالث عربيا لكل من البحرين والأردن والمملكة العربية السعودية، واشتركوا جميعا في المركز 55 عالميا، ثم سلطنة عمان والكويت في المركزين الرابع والخامس عربيا والمركزين 64 و67 عالميا. إن الفساد الإداري والمالي ظاهرة عالمية تعاني منها كافة المجتمعات، ومن صور الفساد الإداري استغلال المركز الوظيفي والتزوير وتعيين الأقارب والأصدقاء في مناصب لا تناسب مؤهلاتهم، حيث يؤدي الفساد الإداري بالنهاية إلى الفساد المالي، سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وذلك عندما يكون الفساد ممنهجاً، وحينما تذوب القيم والمبادئ فيصبح الفساد مألوفاً والتحايل على النظام أمراً إبداعياً، ومن ثم يصبح عائقا رئيسيا أمام برامج التنمية.ويعرف صندوق النقد الدولي الفساد بأنه "استغلال السلطة لأغراض خاصة" سواءً في الوظيفة أو الابتزاز أو المحاباة أو إهدار المال العام والتلاعب فيه، سواءً كان هذا مباشراً أو غير مباشر. كما أصدرت منظمة الأمم المتحدة عددا من القرارات لمحاربة ومكافحة الفساد للقضاء عليه أو الحد منه، إضافة إلى أن البنك الدولي قد وضع عددا من الخطوات الإستراتيجية لمساعدة الدول لمواجهة الفساد والحد منه، إلى جانب منظمة الشفافية لعالمية التي وضعت عدة تشريعات إستراتيجية لمواجهته، كما صادقت دول المجلس على الاتفاقيات الدولية المتعلقة بمحاربة الفساد وإساءة استعمال السلطة الوظيفية، ووضع حد لانتشارها في المجتمع.وبدون شك فإن فترات الطفرة التي عاشتها دول التعاون أحدثت فجوة في البنية الاجتماعية، حيث كان لهذه الفجوة تأثير سلبي على القيم لدى بعض الأشخاص والجماعات، وهناك أسباب تربوية وسلوكية واقتصادية وقانونية أسهمت في وجود هذا الخلل، وإن كان سوء الصياغة القانونية واللوائح نتيجة غموضها أدى إلى الفساد الذي تسعى دول التعاون للحد منه.ويمكن اعتبار الفساد الإداري والمالي واحدا من أكبر معوقات التنمية، ولذلك لابد من أن تكون هناك مؤسسات رقابية خاصة مستقلة تشرف على العمل في الهيئات الحكومية، وليس الحكومية فحسب، بل وبعض مؤسسات القطاع الخاص، لأن في هذه المؤسسات أموال للناس، كذلك يجب تحسين الوضع الوظيفي للأفراد وتطوير القواعد النظامية المطبقة، وتكثيف الجهود الخاصة بالتوعية.وعمدت دول التعاون لمواجهة ظاهرة الفساد من خلال وضع آليات معينة وهي نظام الإجراءات الجزئية، ونظام المرافعات، ونظام المحاماة، إضافة إلى إقرار استراتيجيات وطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد، حيث تعمل هذه الأنظمة على الحد من الفساد بصورة غير مباشرة. وهذه الخطوات بلا شك تعتبر إيجابية وسليمة في مجال مكافحة الفساد، لكن النظام وحده لن يحقق تقدماً كبيراً، ويبقى التقدم الفعلي القائم على الخطط والهيئات المتخصصة والآليات التنفيذية الواضحة لتعزيز تطبيق هذه الاستراتيجيات بشكل جاد، كما تلعب مؤسسات المجتمع المدني المستقلة دورا كبيراً وجوهرياً في المساهمة في تسليط الضوء على هذه الظاهرة ومحاربتها.لذلك، فإن الاستراتيجيات الوطنية لن تكون وحدها كافية لردع تلك المظاهر، ولكن هذه الاستراتيجيات مهمة جداً لمساندة الجهود والنظم الأخرى، وسوف تكون فاعلة إذا وجدت التطبيق الصارم.ومن أجل تفعيل هذه الاستراتيجيات فإنه لابد من فتح خطوط ساخنة للإبلاغ عن حالات الفساد الإداري والمالي، وتسهيل كافة الإجراءات لتمكين المواطن والمقيم من الإبلاغ عن حالات الفساد، وكذلك إعادة النظر بالأنظمة واللوائح وسرعة إصدار الأحكام القضائية وتفعيل دور الأجهزة الرقابية.كما إن على جميع دول التعاون تطوير وتفعيل استراتيجياتها الوطنية لمكافحة الفساد وتنفيذها وفقا لآليات تقيس مدى فاعليتها ونتائجها وتقويمها. كذلك ضرورة تفعيل دور المؤسسات ذات الصلة بالمراقبة والنزاهة وإنشاء هيئة مستقلة تعنى بالفساد المالي للقطاعين العام والخاص، إلى جانب وضع لوائح وأنظمة فاعلة لمراقبة وتقويم أداء المؤسسات الحكومية ولاسيَّما نظام المناقصات والمشتريات لمكافحة الفساد المالي والإداري.